فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٥ - الصفحة ٥٣٩
فهو مجرد دعاء قال الغزالي: فإن قلت كيف يكون الاستغفار نافعا من غير حل عقدة الإصرار وفي خبر المستغفر من ذنب وهو مقيم عليه كالمستهزئ وكان بعضهم يقول استغفر الله من قولي أستغفر الله وقيل الاستغفار باللسان توبة الكذابين قلنا الذي هو توبة الكذابين هو الاستغفار بمجرد اللسان بدون شركة للقلب فيه كما يقول بحكم العادة وعند رأس الغفلة استغفر الله من غير تأثير لقلبه فإنه يرجع بمجرد حركة اللسان ولا جدوى له فإن انضاف له تضرع القلب وابتهاله في سؤاله المغفرة عن خلوص رغبته فهذه حسنة في نفسها تصلح لدفع السيئة بها وعليه يحمل قوله في هذا الخبر ما أصر إلخ فهذا عبارة عن الاستغفار بالقلب. وللتوبة والاستغفار درجات وأوائلها لا يخلو عن فائدة وإن لم ينته إلى آخرها ولذلك قال سهل: لا بد للعبد في كل حال من مولاه فأحسن الرجوع إليه في كل شئ فإن قال يا رب استر علي فإذا فرغ من المعصية قال يا رب تب علي فإذا تاب قال يا رب اعصمني فإذا عمل قال تقبل مني وسئل عن الاستغفار الذي يكفر الذنب فقال: أول الاستغفار الإجابة ثم الإنابة ثم التوبة، فالاستجابة إعمال الجوارح والإنابة إعمال القلب والتوبة إقباله على مولاه بأن يترك الخلق ويستغفر من تقصيره ومن الجهل بالنعمة وترك الشكر فعند ذلك يغفر له ثم انتقل إلى الانفراد ثم الثبات ثم البيان ثم القرب ثم المعرفة ثم المناجاة ثم المصافاة ثم الموالاة ثم المحادثة وهو الخلة ولا يستقيم هذا في قلب عبد حتى يكون العلم غذاءه والذكر قوامه والرضا زاده والتوكل صاحبه ثم ينظر الله إليه فيرفعه إلى العرش فيكون مقامه مقام حملة العرش، والحاصل أن للتكفير درجات فبعضها محو للذنب بالكلية وبعضها مخفف ويتفاوت ذلك بتفاوت درجات التوبة فالاستغفار بالقلب والتدارك بالحسنات وإن خلا عن حل عقدة الإصرار من أوائل الدرجات ولا يخلو عن فائدة فلا ينبغي أن يظن أن وجودها كعدمها قال: بل أقول الاستغفار باللسان فقط حسنة أيضا إذ حركة اللسان به عن غفلة خير من حركته في تلك الساعة بغيبة أو فضول بل خير من السكوت فيظهر فضله بالإضافة إلى السكوت عنه وإنما يكون نقصا بالإضافة إلى عمل القلب ولهذا قال بعضهم لأبي عثمان المغربي: لساني يجري بالذكر والقرآن وقلبي غافل فقال اشكر الله الذي استعمل جارحة من جوارحك في خير وعوده الذكر لا الفضول.
تنبيه: قال الراغب: قد يستحسن في بعض الأحوال التغابي عن المصر، سمع رجل حكيما يقول ذنب الإصرار أولى بالاغتفار فقال صدقت ليس فضل من عفا عن السهو القليل كمن عفا عن العمد الجليل. - (د ت عن أبي بكر) الصديق قال الترمذي: غريب [ص 423] وليس إسناده بقوي قال الزيلعي: إنما لم يكن قويا لجهالة مولى أبي بكر الراوي عنه لكن جهالته لا تضر إذ يكفيه نسبته إلى الصديق اه‍. وأقول: فيه أيضا عثمان بن واقد ضعفه أبو داود نفسه.
7823 - (ما أصيب عبد بعد ذهاب دينه بأشد من ذهاب بصره) لأن الأعمى كما قيل ميت يمشي على وجه الأرض (وما ذهب بصر عبد فصبر إلا دخل الجنة) أي مع السابقين أو من غير حساب أو من غير سبق عذاب كما لا يخفى. - (خط عن بريدة) بن الحصيب وفيه محمد بن إبراهيم الطرسوسي، قال الحاكم: كثير الوهم اه‍. ورواه الديلمي أيضا وفيه إبراهيم المذكور.
(٥٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 534 535 536 537 538 539 540 541 542 543 544 ... » »»
الفهرست