فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٥ - الصفحة ٤٤١
(أحد إلا أكل الربا) الخالص (فإن لم يأكله أصابه من غباره) أي يحيق به ويصل إليه من أثره بأن يكون موكلا أو متوسطا فيه أو كاتبا أو شاهدا أو معامل المرابي أو من عامل معه وخلط ماله بماله ذكره البيضاوي وقال الطيبي: قوله إلا أكل المستثنى صفة لأحد والمستثنى منه أعم عام الأوصاف نفى جميع الأوصاف إلا الأكل ونحن نرى كثيرا من الناس لم يأكل حقيقة فينبغي أن يجري على عموم المجاز فيشمل الحقيقة والمجاز ولذلك أتبعه بالفاء التفصيلية بقوله فإن لم يأكله حقيقة أكله مجازا وفي رواية من بخاره وهو ما ارتفع من الماء من الغليان كالدخان والماء لا يغلي إلا بنار توقد تحته ولما كان المال المأكول من الربا يصير نارا يوم القيامة يغلي منه دماغ آكله ويخرج منه بخار ناسب جعل البخار من أكل الربا والبخار والغبار إذا ارتفع من الأرض أصاب كل من حضر وإن لم يأكل ووجه النسبة بينهما أن الغبار إذا ارتفع من الأرض أصاب كل من حضر وإن لم يكن هو أثاره كما يصيب البخار إذا انتثر من حضر وإن لم يتسبب فيه وهذا من معجزاته فقل من يسلم في هذا الوقت من أكل الربا الحقيقي فضلا عن غباره.
(د) في الربا (ه ك) في البيع من حديث الحسن البصري (عن أبي هريرة) ورواه عنه أيضا أحمد قال الحاكم: صحيح قال الذهبي في التلخيص: إن صح سماع الحسن من أبي هريرة وقال في المهذب: لم يصح للانقطاع.
7532 - (ليأتين على أمتي) قال القاضي: إما أمة الدعوة فيندرج فيه جميع أرباب الملل والنحل الذين ليسوا على [ص 347] قبلتنا أو أمة الإجابة والمراد بالملل الثلاث والسبعين مذاهب أهل القبلة وقال الطيبي: عدى يأتين بعلى لمعنى الغلبة المؤدية للهلاك (ما أتى) لفظ رواية الترمذي كما أتى. قال بعض شراحه: والكاف في قوله كما أتى اسمية كما في قوله:
ويضحكن عن كالبرد المتهم إذ هي بمعنى مثل ومحله من الإعراب رفع لأنه فاعل ليأتين على أمتي مثل الذي أتى (على بني إسرائيل حذو) بالنصب على المصدر لفعل محذوف يدل عليه كما أتى أي يحذو أمتي حذو بني إسرائيل (النعل بالنعل) الحذو بحاء مهملة وذال معجمة القطع وحذوت النعل بالنعل قدرت كل واحدة على صاحبتها وقطعتها. قال الطيبي: وحذو النعل بالنعل استعارة في التساوي وقال ابن جرير:
يعني أن أمته سيتبعون آثار من قبلهم من الأمم مثلا بمثل كما يقدر الحذاء طاقة النعل التي يركب عليها طاقات أخرى حتى يكون بعضها مساويا بعضا متحاذيات غير مخالفات بلا اعوجاج فهكذا هذه الأمة في مشابهتهم من قبلهم من الأمم فيما عملوا به في أديانهم وأحدثوا فيها من البدع والضلالات يسلكون سبيلهم (حتى إن كان منهم من أتى أمه علانية) أي جهارا (لكان) قال الطيبي: اللام فيه جواب
(٤٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 436 437 438 439 440 441 442 443 444 445 446 ... » »»
الفهرست