الدنيا محسوسة في النفس مستعظمة في الطباع وإلا فجميع ما في الدنيا لا يعدل درهما في الجنة (ولقاب) بالجر عطف على غدوة (قوس أحدكم) أي قدره يقال بينهما قاب قوسين وقبب قوس بكسر القاف أي قدر قوس وقيل ألقاب من مقبض القوس [ص 277] إلى سيته، وقيل لكل قوس قابان قال عياض: ويحتمل أن المراد قدر سيفهما (أو موضع قده) بكسر القاف وتشديد الدال المهملة والمراد به السوط وهو في الأصل سير يقد من جلد غير مدبوغ سمي السوط به لأنه يقد أي يقطع طولا والقد الشق بالطول (في الجنة خير من الدنيا وما فيها) يعني ما صغر في الجنة من المواضع كلها من بساتينها وغيرها خير من مواضع الدنيا وما فيها من بساتين وغيرها فأخبر أن قصير الزمان وصغير المكان في الجنة خير من طويل الزمان كبير المكان في الدنيا تزهيدا وتصغيرا لها وترغيبا في الجهاد فينبغي للمجاهد الاغتباط بغدوته وروحته أكثر مما يغتبط لو حصلت له الدنيا بحذافيرها نعيما محضا غير محاسب عليه لو تصور والحاصل أن المراد تعظيم أمر الجهاد (ولو اطلعت امرأة من نساء أهل الجنة إلى الأرض) أي نظرت إليها وأشرقت عليها ( لملأت ما فيها) من نور بهائها (ولنصيفها) بفتح النون وكسر الصاد المهملة فتحتية ساكنة الخمار بكسر الخاء والتخفيف (على رأسها خير من الدنيا وما فيها) لأن الجنة وما فيها باق والدنيا وما فيها فانية ولا يعارض قوله خير من الدنيا وما فيها ونحوه من هذه الروايات قوله في رواية أحمد خير من الدنيا ومثلها معها بل أفادت رواية أحمد أن الخيرية المستفادة من تلك الروايات تزيد على انضمام مثل الدنيا إليها وليس في تلك ما ينفيه. - (حم ق ت ه عن أنس).
7287 - (لغزوة) مبتدأ خصص بالصفة وهي (في سبيل الله) فتقديره لغزوة كائنة في سبيل الله فاللام للتأكيد وقال ابن حجر: للقسم أي والله لغزوة (أحب إلي من أربعين حجة) ليس هذا تفضيل للجهاد على الحج ولا بد فإن ذلك يختلف باختلاف الأحوال والأشخاص والعمل المعين قد يكون أفضل في حق إنسان وغيره أفضل في حق آخر فالشجاع الباسل المشهور المهاب للعدو وقوفه في الصف ساعة لجهاد العدو أفضل من أربعين حجة تطوعا والضعيف الحال الغير الماهر في القتال الكثير المال حجة واحدة له أفضل من غزوة وولى الأمر المنصوب للحكم جلوسه لإنصاف المظلوم من الظالم أفضل من عبادة ستين ستة وهذا الخبر وما أشبهه إنما يقع للمصطفى صلى الله عليه وسلم جوابا لسؤال شخص معين فيجيبه بما يناسبه كمريض يشكو الطبيب وجع بطنه له دواء يخصه كيلا يرشده إلا إليه ولو قيل له استعملي دواء الصداع لضره هكذا فافهم تدابير المصطفى صلى الله عليه وسلم. - (عبد الجبار الخولاني في تاريخ) مدينة (داريا) بفتح الدال والراء وشد المثناة التحتية بعدها ألف كما في المعجم وهكذا ضبطه المؤلف بخطه وفي بعض التواريخ داريا بزيادة ألف بين الراء والياء وهي قرية بالغوطة ينسب إليها جماعة من العلماء والزهاد منهم أبو سليمان الداراني العارف المشهور (عن مكحول مرسلا) وهو أبو عبد الله الشلمي الفقيه الثقة الزاهد العابد كان كثير الإرسال مات سنة بضع عشر ومائة.