فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٥ - الصفحة ٢٧٣
الجمهور، وتمسك بعموم الحديث المشروح قوم منهم الطبري وابن المنذر وداود فجوزوا القراءة للجنب قالوا: لكون الذكر أعم من كونه بقراءة أو بغيرها وإنما فرق بالعرف وحملوا حديث الترمذي على الأكمل جمعا بين الأدلة وقال العارف ابن العربي: كان يذكر الله على كل أحيانه لكن يكون الذكر في حال الجنابة مختصا بالباطن الذي هو ذكر السر فهو في سائر حالاته محقق بالمقام وإنما وقع اللبس على من لا معرفة له بأحوال أهل الكمال فتفرقوا واختلفوا قال: قالوا: ولنا منه ميراث وافر فينبغي المحافظة على ذلك انتهى. وأخرج أبو نعيم عن كعب الأحبار قال موسى: يا رب أقريب أنت فأناجيك أم بعيد فأناديك قال: أنا جليس من ذكرني قال: يا رب فإنا نكون على حال نجلك ونعظمك أن نذكرك بالجنابة والغائط قال: يا موسى اذكرني على كل حال أي بالقلب كما تقرر قال الأشرفي: الذكر نوعان قلبي ولساني والأول أعلاهما وهو المراد في الحديث وفي قوله تعالى * (اذكروا الله ذكرا كثيرا) (الأحزاب:
41) وهو أن لا ينسى الله على كل حال وكان للمصطفى صلى الله عليه وسلم حظ وافر من هذين النوعين إلا في حالة الجنابة ودخول الخلاء فإنه يقتصر فيهما على النوع الأعلى الذي لا أثر فيه للجنابة ولذلك كان إذا خرج من الخلاء يقول غفرانك انتهى. وقال غيره: لا ينافيه حديث كرهت أن أذكر الله إلا على طهر وتوضأ لرد السلام لكونه ذكر الله لأنه أخذ بالأفضل والأكمل. (م د ت ه) وأبو يعلى كلهم في الطهارة إلا الترمذي ففي الدعوات (عن عائشة) وعلقه البخاري في الصلاة وذكر الترمذي في العلل أنه سأل عنه البخاري فقال: صحيح.
7027 - (كان يرى بالليل في الظلمة كما يرى بالنهار في الضوء) لأنه تعالى لما رزقه الاطلاع الباطن والإحاطة بإدراك مدركات القلب جعل له مثل ذلك في مدركات العيون ومن ثم كان يرى المحسوس من وراء ظهره كما يراه من أمامه [ص 215] ذكره الحرالي فالحاصل أنه من قبيل الكشف له عن المرئيات وهو في معناه ما سبق أنه كان يبصر من ورائه. (البيهقي في الدلائل) أي في كتاب دلائل النبوة (عن ابن عباس عد عن عائشة) ضعفه ابن دحية في كتاب الآيات البينات وقال البيهقي: ليس بقوي وقال ابن الجوزي: في حديث عائشة لا يصح. وفيه عبد الله بن محمد بن المغيرة فقال العقبلي: يحدث بما لا أصل له وذكره في الميزان مع جملة أحاديث وقال: هذه موضوعات ومع ذلك كله رمز المصنف لحسنه ولعله لاعتضاده.
7028 - (كان يرى للعباس) من الإجلال والإعظام (ما يرى الولد لوالده يعظمه ويفخمه ويبر قسمه) ويقول إنما عم الرجل صنو أبيه وأصل هذا أن عمر لما أراد أن يستسقي عام الرمادة خطب فقال: أيها الناس إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرى للعباس ما يرى الولد لوالده فاقتدوا برسول اله صلى الله عليه وسلم واتخذوا العباس وسيلة إلى الله فما برحوا حتى سقاهم الله وفيه ندب الاستشفاع بأهل الخير والصلاح
(٢٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 ... » »»
الفهرست