فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٥ - الصفحة ١٠٤
6499 - (كان وجهه مثل) كل من (الشمس والقمر) أي الشمس في الإضاءة والقمر في الحسن والملاحة أو الواو بمعنى بل إذ الشمس تمنع استيفاء الحظ من رؤيتها فاللائق القمر وما في الوفاء من أنه لم يقم مع شمس إلا غلب ضوؤه ضوء الشمس لا ينافي التشبيه بالشمس لأنه إن سلم عدم المبالغة أو المسامحة في الغلبة فذلك حين كانت الشمس في السماء الرابعة لا مطلقا على أنه يكفي أنها أعرف وأشهر ولا دعوى المماثلة العرفية لأن القدر الغير الفاحش لا يضر عرفا (وكان مستديرا) مؤكد لعدم المشابهة التامة والمماثلة أي هو أضوأ وأحسن لاستدارته دونه فكيف يشبهه أي يماثله أو مؤكد لمشابهتهما وقيل التشبيه بالنيرين إنما يتبادر منه الضوء والملاحة فبين الاستدارة ليكون التشبيه فيها أيضا. (م عن جابر بن سمرة). 6500 - (كان أبغض الخلق) أي أبغض أعمال الخلق (إليه الكذب) لكثرة ضرره وجموم ما يترتب عليه من المفاسد والفتن وكان لا يقول في الرضى والغضب إلا الحق كما رواه أبو داود عن ابن عمر ولهذا كان يزجر أصحابه وأهل بيته عنه ويهجر على الكلمة من الكذب المدة الطويلة وذلك لأنه قد يبنى عليه أمورا ربما ضرت ببعض الناس وفي كلام الحكماء إذا كذب السفير بطل التدبير ولهذا لما علم الكفار أنه أبغض الأشياء إليه نسبوه إليه فكذبوه بما جاءهم به من عند الله ليغيظوه بذلك لأنه يوقف الناس عن قبول ما جاء به من الهدى ويذهب فائدة الوحي وروي أن حذيفة قال: يا رسول الله ما أشد ما لقيت من قومك قال: خرجت يوما لأدعوهم إلى الله فما لقيني أحد منهم إلا وكذبني. (هب عن عائشة) رمز المصنف لحسنه وقضية صنيع المصنف أن البيهقي خرجه وسكت عليه وهو باطل فإنه خرجه من حديث إسحاق بن إبراهيم الديري عن [ص 82] عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن ابن أبي مليكة عن عائشة وعن محمد بن أبي بكر عن أيوب عن إبراهيم بن ميسرة عن عائشة ثم عقبه بما نصه قال البخاري: هو مرسل يعني بين إبراهيم بن ميسرة وعائشة ولا يصح حديث ابن أبي مليكة قال البخاري:
ما أعجب حديث معمر عن غير الزهري فإنه لا يكاد يوجد فيه حديث صحيح اه‍. فأفاد بذلك أن فيه ضعفا أو انقطاعا فاقتطاع المصنف لذلك من كلامه وحذفه من سوء التصرف وإسحاق الديري يستبعد لقيه لعبد الرزاق كما أشار إليه ابن عدي وأورده الذهبي في الضعفاء.
6501 - (كان أحب الألوان إليه) من الثياب وغيرها (الخضرة) لأنها من ثياب الجنة فالخضرة أفضل الألوان ولهذا كانت السماء خضراء وما نرى نحن من الزرقة إنما هو لون البعد وفي الخبر إن النظر إلى الخضرة والماء الجاري يقوي البصر فلخصاصته بهذه المزية كان أحب الألوان إليه قال ابن بطال
(١٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 ... » »»
الفهرست