فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٥ - الصفحة ١٠٢
أمامه ويمشي خلفهم كأنه يسوقهم تواضعا وإرشادا إلى ندب مشي كبير القوم وراءهم ولا يدع أحدا يمشي خلفه أو ليختبر حالهم وينظر إليهم حال تصرفهم في معاشهم وملاحظتهم لإخوانهم فيربي من يستحق التربية، ويكمل من يحتاج التكميل، ويعاقب من يليق به المعاقبة، ويؤدب من يناسبه التأديب، وهذا شأن المولى مع رعيته، أو لأن الملائكة كانت تمشي خلف ظهره أو لغير ذلك، وإنما تقدمهم في قصة جابر رضي الله تعالى عنه لأنه دعاهم إليه فجاؤوا تبعا له (ويبدأ) وفي رواية يبدر أي يسبق (من لقيه بالسلام) حتى الصبيان تأديبا لهم وتعليما لمعالم الدين ورسوم الشريعة وإذا سلم عليه أحد رد عليه كتحيته أو أحسن منها فورا إلا لعذر كصلاة وبراز قال ابن القيم: ولم يكن يرده بيده ولا برأسه ولا بأصبعه إلا في الصلاة ثبت بذلك عدة أخبار ولم يجئ ما يعارضها إلا شئ باطل. (ت في الشمائل) النبوية (طب هب عن هند بن أبي هالة) بتخفيف اللام وكان وصافا لحلية النبي صلى الله عليه وسلم وهو ربيبه إذ هو ابن خديجة ودالة اسم لدارة القمر قتل مع علي يوم الجمل وقيل مات في طاعون عمواس وبقي مدة لم يجد من يدفنه لكثرة الموتى حتى نادى مناد وا ربيب رسول الله فترك الناس موتاهم ورفعوه على الأصابع حتى دفن، رمز المصنف لحسنه ولعله لاعتضاده عنده وإلا ففيه جميع بن عمر العجلي قال أبو داود: أخشى أن يكون كذابا وتوثيق ابن حبان له متعقب بقول البخاري: إن فيه نظرا ولذلك جزم الذهبي بأنه واه وفيه رجل من تميم مجهول ومن ثم قال بعض الفحول: خبر معلول.
6494 - (كان في ساقيه) روي بالإفراد وبالتثنية (حموشة) بحاء مهملة مفتوحة وشين معجمة أي دقة قال القاضي: حموشة الشاق دقتها يقال حمشت قوائم الدابة إذا دقت هكذا ضبط بعضهم. وقال بعضهم: خموشة بضم أوله المعجمة دقتها وبكسره ليفيد التقليل والمراد نفي غلظها وذلك مما يمتدح به وقد أكثر أهل القيافة من مدحها وفوائدها. (ت) في المناقب (ك) كلاهما (عن جابر بن سمرة) وقال:
حسن غريب صحيح.
6495 - (كان في كلامه) وفي رواية كان في قراءته (ترتيل) أي تأن وتمهل مع تبيين الحروف والحركات بحيث يتمكن السامع من عدها (أو ترسيل) عطف تفسيري أو شك من الراوي وفي الحديث أن الناس دخلوا عليه صلى الله عليه وسلم أرسالا يصلون عليه أي فرقا مقطعة يتبع بعضهم بعضا وأخذ بذا جمع ففضلوا قراءة القليل المرتل على الكثير بغير ترتيل لأن القصد من القراءة التدبر والفهم وذهب قوم إلى فضيلة الكثرة واحتجوا بأخبار قال ابن القيم: والصواب أن قراءة الترتيل والتدبر أرفع قدرا وثواب كثرة القراءة أكثر عددا فالأول كمن تصدق بجوهرة عظيمة والثاني كمن تصدق بدنانير كثيرة. (د عن جابر) بن عبد الله قال الزين العراقي: فيه شيخ لم يسم.
6496 - (كان كثير العرق) محركا ما يترشح من جلد الحيوان كما سبق وقد يستعار لغيره وكانت أم سليم تجمع عرقه فتجعله في قارورة وتخلطه في الطيب لطيب ريحه والقلب الطاهر الحي يشم منه
(١٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 ... » »»
الفهرست