فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٣ - الصفحة ٧٧
الجاهلية لا على ما فسره المصطفى صلى الله عليه وسلم (الدارمي) في مسنده (وابن عساكر) في تاريخه (عن جابر) بن عبد الله وفي الباب عائشة وغيرها.
2740 (انظر) من النظر بمعنى إعمال الفكر ومزيد التدبر والتأمل. قال الراغب: والنظر إجالة الخاطر نحو المرئي لإدراك البصيرة إياه فللقلب عين كما أن للبدن عينا (فإنك لست بخير من) أحد من الناس (أحمر) أي أبيض (ولا أسود إلا أن تفضله بتقوى) أي تزيد عليه في وقاية النفس عما يضرها في الآخرة ومراتبها ثلاثة: التوقي عن العذاب المخلد ثم عن كل محرم ثم ما يشغل السر عن الحق تقدس (حم عن أبي ذر) قال الهيثمي كالمنذري: رجاله ثقات إلا أن بكر بن عبد الله المزني لم يسمع من أبي ذر.
2741 (انظروا قريشا) قال الزمخشري: من النظر الذي هو التأمل والتصفح (فخذوا من قولهم وذروا فعلهم) أي اتركوا اتباعهم في أفعالهم فإنهم ذو الرأي المصيب والحدس الذي لا يخطئ ولا يخيب لكنهم قد يفعلون ما لا يسوغ شرعا فاحذروا متابعتهم فيه (حم حب عن عامر بن شهر) بمعجمة الهمداني أبي الكنود بفتح الكاف ثم نون صحابي نزل الكوفة وهو أحد عمال المصطفى صلى الله عليه وسلم على اليمن وأول من اعترض على الأسود الكذاب باليمن.
2742 (انظروا إلى من هو أسفل منكم) أي في أمور الدنيا أي الأحق والأولى ذلك (ولا تنظروا إلى من هو فوقكم) فيها (فهو أجدر) أي فالنظر إلى من هو أسفل لا إلى من هو فوق حقيق (أن لا تزروا) أي بأن لا تحتقروا (نعمة الله عليكم) فإن المرء إذا نظر إلى من فضل عليه في الدنيا طمحت له نفسه واستصغر ما عنده من نعم الله وحر ص على الازدياد ليلحقه أو يقاربه وإذا نظر للدون شكر النعمة وتواضع وحمد. قال الغزالي: وعجب للمرء كيف لا يساوي دنياه بدينه أليس إذا لامته نفسه فارقها يعتذر إليها بأن في الفساق كثرة فينظر أبدا في الدين إلى من هو دونه لا لمن فوقه أفلا يكون في الدنيا كذلك. وقال الحكيم: لا يزال الإنسان يترقى في درجات النظر علوا علوا كلما نال درجة سما به حرصه إلى النظر إلى ما فوقها فإذا نظر إلى مدونه في درجات الدين اعتراه العجب فأعجب بنفسه فطال بتلك الدرجة على الخلق واستطال فرمى به من ذلك العلو فلا يبقى منه عضو إلا انكسر وتبدد وكذا درجات
(٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 ... » »»
الفهرست