فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٣ - الصفحة ٤٩
من يزرع شرا يحصده وخير الخير أعجله واحملوا أنفسكم على مكروهها فيما يصلحها واصرفوها عن هواها فيما يفسدها وكانت له فراسة وقيافة (ابن نزار) بكسر النون والتخفيف من النذر القليل لأن أباه حين ولد نظر إلى نور النبوة بين عينيه ففرح به وأطعمه كثيرا وقال: هذا نور في حق هذا وكنيته أبو إياد بن مسعد بن عدنان إلى هنا معلوم الصحة متفق عليه. قال ابن دحية: أجمعوا على أنه لا يجاوز عدنان وعن الحبر بين عدنان وإسماعيل ثلاثون أبا لا يعرفون ومن ثم أنكر مالك على من رفع نسبه إلى آدم عليه السلام وقال: من أخبره به أي لأنه من كلام المؤرخين ولا ثقة بهم قال ابن القيم: ولا خلاف أن عدنان من ولد إسماعيل وهو الذبيح على الصواب. قال: والقول بأنه إسحاق باطل من عشرين وجها. وقال ابن تيمية: هو إنما يتلقى من أهل الكتاب وهو باطل بنص كتابهم (وما افترق الناس فرقتين إلا جعلني الله في خيرهما) فرقة (فأخرجت من بين أبوي فلم يصبني من عهد الجاهلية) قال مغلطاي: إنما كان آباؤه فضلاء عظماء لأن النبوة ملك وسياسة عامة والملك في ذوي الأحساب والأخطار وكلما كانت خصال الفضل أكثر كانت الرعية أكثر انقيادا وأسرع طاعة وكلما كان في الملك نقيصة نقصت أتباعه ورعاياه فلذا جعل من خير الفرق وخير البقاع (وخرجت من نكاح ولم أخرج من سفاح من لدن آدم حتى انتهيت إلى أبي وأمي) آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب تلتقي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من جهة آبائه في كلاب (فأنا خيركم نسبا) النسب اسم لعموم القرابة (وخيركم أبا البيهقي في الدلائل) أي في كتابه دلائل النبوة (عن أنس) ورواه الحاكم أيضا باللفظ المزبور عن أنس المذكور قال: بلغ النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن رجالا من كندة يزعمون أنه منهم فقال: إنما يقول ذلك العباس وأبو سفيان إذا قدما إليكم ليأمنا بذلك وإنا لا ننتفي من آبائنا نحن بنو النضر بن كنانة ثم خطب الناس فقال: أنا محمد إلخ.
2683 (أنا النبي) عرفه باللام لحصر النبوة فيه (لا كذب) أي أنا النبي حقا لا كذب فيه فلا أفر من الكفار ففيه إشارة إلى أن صفة النبوة يستحيل معها الكذب فكأنه قال أنا النبي والنبي لا يكذب فلست بكاذب فيما أقول حتى أهزم بل وعدني الله بنصره فلا يجوز لي أن أفر (أنا ابن عبد المطلب) نسب لجده لا لأبيه لشهرته به وللتصريف والتذكير فيما أخبرهم به الكهنة قبيل ميلاده أنه آن أن يظهر من بني عبد المطلب نبي فذكرهم بأنه ذلك المقول عنه لا للفخر فإنه كان يكرهه وينهى عنه ولا للعصبية لأنه كان يذمها ويزجر عنها ولا يشكل ذا بحرمة الشعر عليه لأن هذا إنما هو من جنس كلامه الذي كان يرمي به على السليقة من غير صنعة ولا تكلف إلا أنه اتفق ذلك بغير قصد كما يتفق في كثير من إنشاءات الناس في خطبهم ورسائلهم وإذا فتشت في كل كلام عن نحو ذلك وجدت الواقع في
(٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 ... » »»
الفهرست