فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٣ - الصفحة ٤١٦
يخشى الله من عباده العلماء) * حيث وقع حصر الخشية فيهم غير متجاوزة عنهم فحصلت النسبة بين العينين: عين مجاهدة مع النفس والشيطان، وعين مجاهدة مع الكفار، والخوف والخشية متلازمان. قال في الإحياء: الخوف سوط الله يسوق به عباده إلى المواظبة إلى العلم والعمل (ك) في الجهاد عن محمد الأسدي عن عمر بن راشد عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة (عن أبي هريرة) قال الحاكم: صحيح، ورده الذهبي بأن عمر ضعفوه.
3494 (ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة) ذكر الثلاثة ليس للتقييد فإنه خصم كل ظالم لكنه أراد التغليظ عليهم لغرابة قبح فعلهم والخصم يقع على الواحد والاثنين والجمع والمذكر والمؤنث بلفظ واحد وهذا الحديث من الأحاديث القدسية فقد رواه البخاري رضي الله عنه بلفظ قال الله تعالى فوقع في هذه الرواية اختصار (ومن كنت خصمه خصمته) لأنه لا يغلبه شئ (رجل أعطى بي) أي أعطى الأمان باسمي أو بذكري أو بما شرعته من الدين كأن يقول عليك عهد الله أو ذمته (ثم غدر) أي نقض العهد الذي عاهد عليه لأنه جعل الله كفيلا له فيما لزمه من وفاء ما أعطى والكفيل خصم المكفول به للمكفول له (ورجل باع حرا فأكل ثمنه) يعني انتفع به على أي وجه كان وخص الأكل لأنه أخص المنافع وذلك لأن من باع حرا فهو غاصب لعبد الله الذي ليس لأحد غير الله عليه سبيل فالمغصوب منه خصم الغاصب (ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه) أي العمل (ولم يوفه) أجره لأنه استأجر عبدا وغلة العبد لمولاه فهو الخصم في صلب أجرة عبده هذا حكمة تخصيص هؤلاء لكنه تعالى أكرم الخصوم وأغناهم والكريم إذا ملك أحسن وإذا حاسب سمح وإذا سئل وهب والخبر مسوق لمعنيين أحدهما تعظيم هذه الخصال وأنها كبائر جرائم وخطايا عظائم يتعين الحذر منها الثاني الإخبار عن كرم الله وفضله وأن الخصم الغني الكريم الرؤوف الرحيم وإذا كان هو الخصم كان أرجى للعبد لأنه غني لا يتعاظمه ذنب ولا ينقصه شئ فيناقش فيه بل يرضى خصوم من شاء من عنده كما جاء في كثير من الأخبار فيا له من حديث جمع الخوف والرجاء اللذين هما سهما العبودية إذ هي اضطرار وافتقار فالخوف اضطرار والرجاء افتقار والعبادة لله إنما تصفو بخوف التقصير وشكر التوفيق فرؤية التقصير توجب الخوف ورؤية التقصير توجب الرجاء وقد قيل في معنى هذا الخبر أقاويل كثيرة وما سمعت أجود (ه) في الأحكام (عن أبي هريرة) ظاهر اقتصاره على ابن ماجة أنه لا يوجد مخرجا في أحد الصحيحين والأمر بخلافه فقد رواه سلطان المحدثين البخاري في البيع والإجارة لكن بدون ومن كنت خصمه خصمته ولفظه عن الله تعالى ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة رجل أعطى بي ثم غدر ورجل باع حرا ثم أكل ثمنه ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعطه أجره اه‍ فهو عند البخاري من الأحاديث القدسية كما مر.
(٤١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 411 412 413 414 415 416 417 418 419 420 421 ... » »»
الفهرست