فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ٦٤٧
ليس مقدرا عليه ولا يصيبه إلا ما قدر عليه والمراد أن من تلبس بكمال الإيمان وولج نوره في قلبه حقيقة علم أنه قد فرغ مما أصابه أو أخطأه من خير وشر فما أصابه فإصابته له متحتمة لا يتصور أن يخطئه وما أخطأه فسلامته منه متحتمة لأنها سهام صائبة وجهت في الأزل فلا بد أن تقع مواقعها جف القلم بما هو كائن وفيه حث على تفويض كل أمر إلى الله تعالى مع شهود أنه الفاعل لما يشاء وأنه لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه * (ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها) * [الحديد: 22] (تنبيه) قال العارف ابن عربي الحقائق أربع: حقائق ترجع إلى الذات المقدسة وحقائق ترجع إلى الصفات وحقائق ترجع إلى الأفعال وحقائق ترجع إلى المفعولات وهي الأكوان والمكونات وهذه الحقائق الكونية ثلاث علوية وهي المعقولات وسفلية وهي المحسوسات وبرزخية وهي المتخيلات والحقائق الذاتية كل مشهد يقيمك الحق فيه بغير تشبيه ولا تكييف لا تسعه العبارة ولا تومي إليه الإشارة والحقائق الصفاتية كل مشهد يقيمك الحق فيه تطلع منه على معرفة كونه سبحانه قادرا حيا عالما إلى غير ذلك من الأسماء والصفات المختلفة والمتقابلة المتماثلة، والكونية كل مشهد يقيمك الحق فيه تطلع منه على معرفة الأرواح والبسائط والمركبات والأجسام والاتصال والانفصال، والفعلية كل مشهد يقيمك الحق فيه تطلع منه على معرفة كن وتعلق القدرة بالمقدور بضرب خاص بكون العبد لا فعل له ولا أثر لقدرته الحادثة الموصوف بها وجميع ذلك يسمى أحوال ومقامات فالمقامات كل صفة يجب الرسوخ فيها وعدم النقل عنها كالتوبة والحال كل صفة يكون فيها وقتا دون وقت كالسكر والمحو أو يكون وجودها مشروطا بشرط فينعدم كالصبر مع البلاء والشكر مع النعماء (حم طب عن أبي الدرداء) قال العلائي فيه سليمان بن عتبة وثقه ابن دحيم وضعفه ابن معين وباقي رجاله ثقات.
2418 - (إن لكل شئ دعامة) بالكسر أي عمادا يقوم عليه ويستند إليه وأصل الدعامة بالكسر ما يسند به الحائط إذا مال يمنعه السقوط ومنه قيل لسيد قومه هو دعامة القوم كما يقال هو عمادهم قال الزمخشري فالمدعوم الذي يميل فيريد أن يقع فيسند إليه ما يستمسك به، قال ومن المجاز هو دعامة قومه لسيدهم وسندهم وأقام فلان دعائم الإسلام ودعمت فلانا أعنته وقويته (ودعامة هذا الدين الفقه) أي هو عماد الإسلام الذي عليه مبناه وبه استمساكه وبقاؤه (ولفقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد) لأن من فقه عن الله أمره ونهيه وعلم لماذا أمر ونهى تعاظم لذلك وكبر في صدره شأنه وكان أشد تسارعا لما أمر وأشد هربا مما نهى فالفقه في الدين جند عظيم يؤيد الله به أهل اليقين الذين عاينوا محاسن الأمور ومشائنها وأقدار الأشياء وحسن تدبير الله تعالى في ذلك لهم بنور يقينهم ليعبدوه على
(٦٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 642 643 644 645 646 647 648 649 650 651 652 ... » »»