فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ٦٥٠
وإن سيد المجالس قبالة القبلة قال الهيثمي والمنذري وغيرهما إسناده حسن اه‍ فاعجب للمصنف حيث آثر ما جزموا لوضعه على ما جزموا بحسنه.
2422 - (إن لكل شئ) كذا هو في خط المصنف وفي رواية عمل وفي أخرى عابد (شرة) بكسر الشين والتشديد بضبط المصنف حدة وحرصا ونشاطا ورغبة قال القاضي الشرة الحرص على الشئ والنشاط فيه وصاحبها فاعل فعل دل عليه ما بعده وقوله تعالى * (وإن أحد من المشركين استجارك) * (ولكل شرة فترة) أي وهنا وضعفا وسكونا يعني أن العابد يبالغ في العبادة أو لا وكل مبالغ تسكن حدته وتفتر مبالغته بعد حين وقال القاضي المعنى أن من اقتصد في الأمور سلك الطريق المستقيم واجتنب جانبي الإفراط الشرة والتفريط الفترة فارجوه ولا تلتفتوا إلى شهرته فيما بين الناس واعتقادهم فيه (فإن صاحبها سدد وقارب) أي إن سدد صاحب الشرة أي جعل عمله متوسطا أي دنا من التوسط وسلك الطريق الأقوم وتجنب طريقي إفراط الشرة وتفريط الفترة (فارجوه) يعني ارجوا الصلاح والخير منه فإنه يمكنه الدوام على الوسط وأحب الأعمال إلى الله أدومها (وإن أشير إليه بالأصابع) أي اجتهد وبالغ في العمل ليصير مشهورا بالعبادة والزهد وصار مشهورا مشارا إليه بالعبادة (فلا تعدوه) أي لا تعتدوا به ولا تحسبوه من الصالحين لكونه مرائيا ذكره القاضي وقال الطيبي معناه إن لكل شئ من الأعمال الظاهرة والأخلاق الباطنة طرفين إفراطا وتفريطا فالمحمود القصد بينهما فإن رأيت أحدا يسلك سبيل القصد فارجوه أن يكون يكون من الفائزين فلا تقطعوا له بأنه من الفائزين فإن الله هو الذي يتولى السرائر وإن رأيته يسلك طريق الإفراط والغلو حتى يشار إليه بالأصابع فلا تبتوا القول فيه بأنه من الخائبين فإن الله هو الذي يطلع على الضمائر (ت) في الزهد (عن أبي هريرة) وقال حسن صحيح غريب وفيه محمد بن عجلان وثقه أحمد وقال الحاكم سئ الحفظ.
2423 - (إن لكل شئ قلبا) أي لبا (وقلب القرآن يس) أي هي خالصه ولبه المودع فيه المقصود منه لأن أحوال البعث وأهوال القيامة مستقصاة فيها مع تصديرها بإثبات نبوة المصطفى صلى الله عليه وسلم بالقسم عليها على أبلغ وجه واشتمالها مع قصر نظمها وصغر حجمها على الآيات البديعة من خلق الليل والنهار والقمرين والفلك وعبر ذلك من المواعظ والعبر والمعاني الدقيقة والمواعيد الرائقة والزواجر البالغة والإشارات الباهرة ما لم تكد تكن في سورة سواها مع صغر حجمها وقصر نظمها (ومن قرأ يس كتب الله له) أي قدر أو أمر الملائكة أن تكتب له (بقراءتها) ثواب (قراءة القرآن عشر مرات) أي قدر ثواب قراءة القرآن بدون سورة يس عشر مرات وقد تواترت الآثار بجموم فضائل يس، روى الحارث بن أبي أسامة في مسنده مرفوعا من قرأ سورة يس وهو خائف أمن أو سقيم شفي أو جائع شبع
(٦٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 645 646 647 648 649 650 651 652 653 654 655 ... » »»