فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ٦٠٧
2353 - (إن لله تسعة وتسعين اسما) منها ما هو ثبوتي ومنها ما هو سلبي ومنها ما هو اعتبار فعل من أفعاله لكنها توقيفية على الأصح فلا يحل اختراع اسم أو وصف له إلا بقرآن أو خبر صحيح مصرح به لا بأصله الذي اشتق منه فحسب ولم يذكر لنحو مقابلة أو مشاكلة (مائة إلا) اسما (واحدا) بدل من اسم إن أو تأكيد وأنصب بتقدير أعني وزاده حذرا من تصحيف تسعة وتسعين بسبعة وسبعين أو مبالغة في المنع عن الزيادة بالقياس (من أحصاها) حفظها أو أطاق القيام بحقها أو عرفها أو أحاط بمعانيها أو عمل بمقتضاها بأن وثق بالرزق إذ قال الرزاق مثلا وهكذا وعدها كلمة كلمة تبركا وإخلاصا والفضل للمتقدم وسيجئ ما يؤيده (دخل الجنة) مع السابقين الأولين أو بغير سبق عذاب وليس في الخبر ما يفيد الحصر في هذا العدد لأن قوله من أحصاها صفة تسعة وتسعين ويدل لعدم الحصر خبر أسألك بكل اسم سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدا من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك وخصها لأنها أشهرها أو أظهرها معنى أو لتضمنها معاني ما عداها أو لأن العدد زوج وفرد والفرد أفضل ومنتهى الإفراد بلا تكرار تسعة وتسعون أو لغير ذلك كما سبق توضيحه.
(فائدة) قال العارف ابن عربي الذي يختص به أهل الله تعالى على سبع مسائل من عرفها لم يغمض عليه شئ من علم الحقائق وهي معرفة أسماء الله تعالى ومعرفة التجليات ومعرفة خطاب الحق عباده بلسان الشرع ومعرفة كمال الوجود ونقصه ومعرفة الإنسان من جهة حقائقه ومعرفة الخيال ومعرفة العلل والأدوية (ق ت ه عن أبي هريرة وابن عساكر) في التاريخ (عن عمر) بن الخطاب.
2354 - (إن لله تعالى تسعة وتسعين اسما) بالنصب على التمييز أي من جملة أسمائه هذا القدر فليس فيه نفي غيرها وقد نقل ابن عربي إن لله تعالى ألف اسم قال وهذا قليل فيها ولو كان البحر مدادا لأسماء ربي لنفد البحر قبل أن تنفد أسماء ربي ولو جئنا بسبعة أبحر مثله مددا، وإنما خص هذه لشهرتها ولما كانت معرفة أسمائه توقيفية لا تعلم إلا من طريق الوحي والسنة ولم يكن لنا التصرف فيها بما لم يهتد إليه مبلغ علمنا ومنتهى عقولنا وقد نهينا عن إطلاق ما لم يرد به توقيف وإن جوزه العقل وحكم به القياس فالنقصان عنه كالزيادة غير مرضي وكان الاحتمال في رسم الخط واقعا باشتباه تسعة وتسعين في زلة الكاتب وهفوة القلم بسبعة وتسعين أو تسعة وسبعين فينشأ الاختلاف في المسموع من المسطور أكده حسما للمادة وإرشادا للاحتياط بقوله (مائة) بالنصب على البدل (إلا) اسما (واحدا) وفي رواية للبخاري إلا واحدة بالتأنيث ذهابا إلى معنى التسمية أو الصفة أو الكلمة (لا يحفظها أحد إلا دخل الجنة) فيه دلالة على أن معنى أحصاها في الخبر المار حفظها وبه صرح البخاري (وهو وتر) أي فرد (يحب الوتر) أي يفضل الوتر في كثير من الأعمال والطاعات كما ينبئ عنه جعل الصلاة خمسا
(٦٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 602 603 604 605 606 607 608 609 610 611 612 ... » »»