فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ٦١٠
2360 - (إن لله تعالى ملكا لو قيل له) أي لو قال الله له (التقم) أي ابتلع (السماوات السبع والأرضين) السبع بمن فيهما (بلقمة واحدة لفعل) أي لأمكنه فعل ما أمره به بلا مشقة لعظم خلقه (تسبيحه سبحانك) أي أنزهك يا الله (حيث كنت) وهذا مسوق لبيان عظم أجرام الملائكة وعظيم خلق الله تعالى وباهر سلطانه وأنه سبحانه ليس بمتصل بهذا العالم كما أنه غير منفصل عنه قال في المصباح واللقمة اسم لما تلقم في مرة كجرعة اسم لما يجرع في مرة ولقمه الشئ لقما من باب تعب والتقمته أكلته بسرعة (طب) وكذا في الأوسط (عن ابن عباس) وقال تفرد به وهب ابن رزق قال الهيثمي ولم أر من ذكر له ترجمة.
2361 - (إن لله تعالى ما أخذ) من الأولاد وغيرهم لأن العالم كله ملكه فلم يأخذ ما هو للخلق بل ما هو له عندهم في معنى العارية (وله ما أعطى) أي ما أبقى لنا فإذا أخذ شيئا فهو الذي كان أعطاه فإن أخذه وأخذ ماله فلا ينبغي الجزع لأن مستوى الأمانة يقبح عليه الجزع لاستعادتها وما فيها مصدرية أو موصولة وقدم الأخذ وإن تأخر في الواقع لأنه في بيان ما قبض ثم أكد هذا المعنى بقوله:
(وكل شئ) بالرفع على الابتداء وروي بالنصب عطفا على اسم إن أي كل شئ من الأخذ والإعطاء أو من الأنفس أو مما هو أعم فنحن وكل ما بأيدينا ملكه وفي ملكه وسلطانه يتصرف كيف يشاء (عنده) أي في علمه (بأجل مسمى) أي معلوم مقدر فلا يتقدم شئ قبل أجله ولا يتأخر عنه فإذا انتهى أجله انقضى وجاء غيره وإنما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم معرفا إيابا بما الأمر عليه ليسلم الأمر إليه فيرزق درجة التسليم والتفويض مع بذل المجهود فيما يحبسه منا أن يرجع فيه إليه بحسب الحال في المخالفة بالتوبة والاستغفار وفي الموافقة بالشكر وطلب الإقامة على الموافقة ومن استحضر ذلك هانت عليه المصائب وتصبر على فقد الحبائب وهذا قاله لابنته حين أرسلت تدعوه إلى ابن لها في الموت فأرسل يقرئها السلام ويقول لها ذلك فعلمها به حقيقة التوحيد وهذه الحقيقة توجب السكوت تحت مجاري الأقدار. قال النووي رحمه الله هذا الحديث من أعظم قواعد الإسلام المشتملة على مهمات كثيرة من أصول الدين وفروعه والآداب والصبر على النوازل كلها والهموم والأسقام وغير ذلك من الأعراض (حم ق م د ن ه) كلهم في الجنائز (عن أسامة بن زيد) بألفاظ متقاربة.
2362 - (إن لله تعالى ريحا يبعثها) أي يرسلها (على رأس مائة سنة) تمضي من ذلك القرن (تقبض روح كل مؤمن) ومؤمنة المراد أن ذلك يكون في آخر الزمان على رأس قرن من القرون لا أنه
(٦١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 605 606 607 608 609 610 611 612 613 614 615 ... » »»