فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ٦٠٥
الأمر بعتقه وهذه منقبة عظيمة لرمضان وصوامه وللدعاء والداعي (تنبيه) قال الحكيم دعاء كل إنسان إنما يخرج على قدر ما عنده من قوة القلب فربما يخرج شديد النور شمس تطلع وقد يخرج دعاء بمنزلة قمر يطلع ودعاء يخرج ببعض تقصير فنوره كالكواكب (حم عن أبي هريرة أو أبي سعيد) الخدري شك الأعمش (سمويه عن جابر) قال الهيثمي رجال أحمد رجال الصحيح كذا ذكره في موضع وأعاده في آخر وقال فيه أبان بن أبي عياش متروك.
2349 - (إن لله عبادا يعرفون الناس) أي أحوالهم وضمائرهم (بالتوسم) أي التفرس غرقوا في بحر شهوده فجاد عليهم بكشف الغطاء عن قلوبهم فأبصروا بها بواطن الناس واطلعوا على ضمائرهم وأما من شغل بنفسه ودواهيها فليس من أهل هذا الباب بل فراسته خدعت نفسه له حتى تدسه في التراب وتمام الحديث ثم قرأ * (إن في ذلك لآيات للمتوسمين) * [الحجر: 76] (تتمة) قال الداراني القلب بمنزلة قبة مضروبة حولها أبواب مغلقة فأي باب فتح من القلب بعمله انفتح له باب إلى جهة الملكوت والملأ الأعلى وينفتح ذلك الباب بالمجاهدة والورع والإعراض عن الشهوات ولذلك كتب عمر إلى أمراء الأجناد احفظوا ما تسمعون من المطيعين فإنه ينجلي لهم أمور صادقة، وقال بعضهم يد الله على أفواه العلماء لا ينطقون إلا بما هيأه الله لهم من الحق وقال آخر لو شئت لقلت إن الله يطلع الخاشعين على بعض سره وقال الجنيد المحدث إذا قرن بالقديم اضمحل ولم يبق له أثر وشتان بين من ينطق عن درسه أو نفسه وبين من ينطق عن ربه * (وما ينطق عن الهوى) * [النجم: 3] وقال ابن عربي لا تنكر على الصوفية النطق عن الغيب مع إيمانك بالمثال المحسوس: أن المرآة إذا صقلت وجلى عنها الصدأ وتجلت صورة الناظر فيها أليس يرى نفسه حسنا أو قبيحا فإن جاء أحد خلفه تجلت صورته في المرآة فأبصره على أية صورة هو ولم يره بعينه المعهودة فمن عمد إلى مرآة قلبه فجلاها من صدأ الأغيار وأماط عنها كل حجاب يحجبها عن تجلي صور المعقولات والمغيبات بأنواع الرياضات والمجاهدات صفت وتجلى فيها كل ما قابلها من المغيبات فنطق على شاهد ووصف ما رأى * (ما كذب الفؤاد ما رأى) * [النجم: 11] (الحكيم) الترمذي في نوادره (والبزار) في مسنده وكذا الطبراني وأبو نعيم وابن جرير وابن السني (عن أنس) قال الهيثمي إسناده حسن وتبعه السخاوي لكن في الميزان عن أبي حاتم في ترجمة بشر بن الحكم أنه روى خبرا منكرا وهو هذا والله أعلم.
2350 - (إن لله تعالى عبادا اختصهم بحوائج الناس) أي بقضائها ولفظ رواية الطبراني بدل عبادا اختصهم إلى آخره: خلقا خلقهم لحوائج الناس (يفزع الناس إليهم) أي يلجئون إليهم ويستغيثون بهم (في حوائجهم أولئك الآمنون من عذاب الله) أضافهم إليه إضافة اختصاص وخصهم
(٦٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 600 601 602 603 604 605 606 607 608 609 610 ... » »»