فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ٦٠٢
توقيرهم واحترامهم ومحنتهم ومكانتهم من المصطفى صلى الله عليه وسلم أمانة أئتمن عليها الناس أو المراد قوة أمانتهم وكمالها يرشد إليه خبر علي أمانة الأمير من قريش يعدل أمانة اثنين من غيرهم (لا يبغيهم) أي لا يطلب لهم (العثرات) جمع عثرة وهي الخصلة التي من شأنها العثور أي الخرور (أحد) من الناس (إلا كبه الله) أي قلبه (لمنخريه) أي صرعه أو ألقاه على وجهه يعني أذله وأهانه وخص المنخرين جريا على قولهم رغم أنفه وأرغم الله أنفه أي ألقاه في الرغام واللام في المنخرين لام التخصيص فيفيد أن الكب لهما خاصة وهذا كناية عن خذلان عدوهم ونصرهم عليه كيف وقد طهر الله قلوبهم وقربهم وهم وإن تأخر إسلامهم فقد بلغ فيهم المبلغ العلي (ابن عساكر) في التاريخ (عن جابر) بن عبد الله (خط طب عن رفاعة) بكسر الراء وفتح الفاء مخففة (ابن رافع) ضد الخافض الأنصاري المدني له رواية قال:
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعمر: اجمع لي قومي فجمعهم ثم دخل عليه فقال: أدخلهم عليك أو تخرج إليهم قال: بل أخرج إليهم فقال: هل فيكم من أحد غيركم؟ قالوا: نعم حلفاؤنا منا وبنو إخواننا وموالينا قال حلفاؤنا منا وبنو إخواننا منا وموالينا وأنتم لا تسمعون أوليائي منكم المتقون فإن كنتم أولئك فذاك وإلا فانظروا لا يأتي الناس بالأعمال يوم القيامة وتأتون بالأثقال فيعرض عنكم ثم رفع يديه وقال يا أيها الناس إلخ ما هنا قالها ثلاثا قال الهيثمي رواه أحمد والطبراني والبزار ورجال أحمد وأحد إسنادي الطبراني ثقات.
2342 - (إن قلب ابن آدم) أي ما أودع فيه (مثل العصفور) الطائر المعروف (يتقلب قي اليوم سبع مرات) الظاهر أن المراد بالسبع تكثير التقليب لا التحديد أخذا من نظائره، ثم الكلام في قلب الإنسان لا في مطلق الحيوان كما نطق به الخبر وخصه لأنه محل المعارف والعلوم والأفعال الاختيارية وإدراك الكليات والجزئيات والحيوان وإن وجد فيه شكله وقام به ما يدرك مصالحه ومنافعه ويميز به بين مفاسده ومضاره لكنه إدراك جزئي طبيعي وشتان ما بينه وبين إدراك العلميات والاعتقادات وبهذا المعنى امتاز عن بقية الأعضاء وكان صلاحها بصلاحه وفسادها بفساده (ابن أبي الدنيا) أبو بكر (في) كتاب (الإخلاص ك) في الرقائق (هب عن أبي عبيدة) بن الجراح رضي الله عنه قال الحاكم على شرط مسلم ورده الذهبي وقال فيه انقطاع.
2343 - (إن قلب ابن آدم بكل واد) قال الطيبي لا بد فيه من تقدير أي في كل واد له (شعبة) من شعب الدنيا يعني أن أنواع المتفكر فيه بالقلب متكثرة مختلفة باختلاف الأغراض والشهوات والنيات وإذا كانت القلوب كثيرة الالتفات سريعة التقلب والحركات فلا بد للعبد من جمع همته عن بعض الجهات والاعراض عن غيرها لئلا يتبدد همه (فمن) جعل همه الآخرة فاز ومن خالف (وأتبع
(٦٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 597 598 599 600 601 602 603 604 605 606 607 ... » »»