فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ٥٤
بالصوم الذي هو ضياء أفضل الأعمال، وقال الزمخشري: خصه من بين الأشهر الحرم لمكان عاشوراء فأفضل الأشهر لصوم التطوع المحرم ثم رجب ثم بقية الأشهر الحرم ثم شعبان، ولا يعارضه إكثار النبي صلى الله عليه وسلم صوم شهر شعبان دونه لأنه إنما علم فضل صوم المحرم آخرا، ولعله لعارض، وتفضيل صوم داود باعتبار الطريقة وهذا باعتبار الزمن، فطريقة داود في المحرم أفضل من طريقته في غيره كذا وفق جمع وضعف، والظاهر أن التطوع المطلق بالصوم أفضله المحرم كما أن أفضل النفل المطلق صلاة الليل وما صيامه تبع كصوم ما قبل رمضان وما بعده فليس من المطلق بل صومه تبع لرمضان، ولذا قيل إن صوم ست شوال يلحق رمضان ويكتب معه بصيام الدهر فرضا، فهذا النوع صومه أفضل التطوع مطلقا، والمطلق أفضله المحرم اه‍. (م عد) كلهم في الصوم (عن أبي هريرة) يرفعه (الروياني) بضم الراء وسكون الواو وفتح المثناة التحتية وبعد الألف نون نسبة إلى مدينة بناحية طبرستان، واسمه محمد بن هارون الحافظ (في مسنده) المشهور قال ابن حجر: مسند الروياني ليس دون الست في الرتبة بل لو ضم إلى الخمسة كان أولى من ابن ماجة فإنه أمثل منه بكثير. إلى هنا كلامه (طب عن جندب) هو في الصحابة متعدد فكان ينبغي تمييزه ولم يخرجه البخاري، قال المناوي: ووهم الطبراني في عزوه له.
1275 - (أفضل الصلاة طول القنوت) أي أفضل الصلاة صلاة فيها طول القنوت: أي القيام، أو أفضل أحوال الصلاة طول القيام: أي لأنه محل القراءة المفروضة، وللقنوت أحد عشر معنى. قال النووي: والمراد هنا القيام اتفاقا بدليل رواية أبي داود: أي الأعمال أفضل؟ قال طول القيام، وأخذ به أبو حنيفة والشافعية ففضلا تطويل القيام على تطويل السجود، وعكس آخرون تمسكا بخبر أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، وتوسط قوم فقالوا بالأول ليلا وبالثاني نهارا. قال الزين العراقي:
وهذا في نفل لا يشرع جماعة وفي صلاة الفذ. أما إمام غير المحصورين فالمأمور بالتخفيف المشروع لخبر إذا صلى أحدكم بالناس فليخفف. ثم إن ما ذكر من تفسير القنوت بالقيام هو ما عليه أهل النظر، وذهب جمع من الصوفية إلى أن المراد به مقابلة القلب عظمة من وقف بين يديه والعبد إذا لاحظ العظمة بعين قلبه خشع لا محالة، فيكون المراد أفضل الصلاة أكثرها خشوعا. وقالوا ولو كان المراد القيام لاستحال * (قوموا لله قانتين) * [البقرة: 238] ألا ترى أنه أمر بالقيام ثم القنوت، فالقنوت صفة فعل يحدث عن القيام وذهب آخرون منهم إلى ما عليه أهل النظر وعليه ابن عربي قال ولما كان المعقول من إطلاق لفظ القرآن على الكلام الإلهي الجامع والصلاة حالة جامعة بين العبد وربه وقعت المناسبة بين القرآن والصلاة فلا يقرأ فيها غير القرآن ولما كان القيام يشبه الألف من الحروف وعنه ظهرت جميع الحروف فهي الجامع لأعيانها كان القيام جامعا لأعيان الجزئيات من ركوع وسجود وقنوت فكانت القراءة من حيث كونها جمعا في القيام أنسب فإن القيام هو الحركة المستقيمة والاستقامة مأمور بها (حم م ت ه) كلهم في الصلاة (عن جابر) بن عبد الله (طب عن أبي موسى) الأشعري (وعن عمرو بن عبسة) بن عامر أبو ابن خالد السلمي (وعن عمير) تصغير عمر (ابن قتادة) بفتح القاف ابن سعد (الليثي) روى عن ابنه سكن مكة ولم يخرج البخاري هذا الحديث.
(٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 ... » »»