فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ٥٢٣
الشريف السمهودي بما فيه بلاغ فلا يغفل، كما في الصحاح بوزن الجرعة الباب وقيل الروضة وقيل الدرجة وقيل غير ذلك عن هناد بن السري عن عبدة عن محمد بن إسحاق عن عبد الله بن مكنف (عن أنس) بن مالك قال المؤلف وعبد الله بن مكنف ضعيف لكن يزيده هنا بيانا فيقول: قال العارف ابن عربي محققوا أهل النظر والأدلة المقصودة على الحواس والضروريات والبديهيات يقولون إنه إذا جاء عن نبي أن جبلا أو حجرا أو ذراعا أو جذع نخلة أو بهيمة كلمة فمعناه خلق الله فيه الحياة والعلم في ذلك الوقت بحيث يتكلم ويكلم ويفهم ما يخاطب به والأمر عندنا ليس كذلك بل العالم كله حي ناطق من جهة الكشف وسر الحياة في جميع العالم حتى أن كل من سمع المؤذن من رطب ويابس يشهد له حقيقة بلا شبهة ومن أراد أن يقف على ذلك يسلك طريق الرجال ويلزم طريق الخلوة والذكر فإن الله سيطلعه على ذلك عينا فيعلم أن الناس في عماء عن إدراك هذه الحقائق انتهى.
2178 - (إن أحدكم) أيها المؤمنون (إذا كان في صلاته) المفروضة أو النافلة (فإنه يناجي ربه) أي يخاطبه ويسارره ومناجاته لربه من جهة إتيانه بالذكر والقراءة ومناجاة ربه له من جهة لازم ذلك وهو إرادة الخير مجازا (فلا يبزقن) بنون التوكيد (بين يديه) أي لا يكون بزاقه إلى جهة القبلة لأنه استخفاف عادة فلا يليق بتعظيم الجهة وفي رواية للشيخين بدل بين يديه قبل القبلة وفي رواية أو تحت (ولا عن يمينه) أي لا يبزقن على ما في يمينه فعن بمعنى على تشريفا لها لأن فيها ملائكة الرحمة ولهم مزية على ملائكة العذاب ألا ترى أن كاتب الحسنات أمير على كاتب السيئات والنهي يعم المسجد وغيره (ولكن) يبصق (عن يساره وتحت) وفي رواية أو تحت (قدمه) أي اليسرى وتمام الحديث عند الشيخين ثم أخذ طرف ردائه فبصق فيه ثم رد بعضه على بعض والأمر بالبصاق عن يساره أو تحت قدمه خاص بغير من بالمسجد أما من فيه فلا يبصق إلا في نحو ثوبه وفي الحديث إشارة إلى أن قلب المصلي ينبغي كونه فارغا من غير ذكر الله وفيه جواز الفعل القليل في الصلاة وطهارة البصاق (ق عن أنس) بن مالك قال: رأى النبي صلى الله عليه وسلم نخامة في القبلة فشق عليه ذلك حتى رؤي في وجهه ثم قام فحكه بيده ثم ذكره.
2179 - (إن أحدكم) معشر الآدميين (يجمع خلقه) أي مادة خلق أحدكم أو ما يخلق منه أحدكم (1) وأحد هنا بمعنى واحد لا بمعنى أحد التي للعموم لأن تلك لا تستعمل إلا في النفي ويجمع من الإجماع لا من الجمع يقال أجمعت الشئ أو جعلته جميعا والمراد يجوز ويقرر مادة خلقه (في بطن) يعني رحم (أمه) وهو من قبيل ذكر الكل وإرادة البعض وهو سبحانه وتعالى يجعل ماء الرجل والمرأة

(1) وهو المني بعد انتشاره في سائر البدن.
(٥٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 518 519 520 521 522 523 524 525 526 527 528 ... » »»