فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ٥٢٠
وتمامه عند مخرجه أحمد عن أبي أيوب قلت: يا رسول الله تقرأ فيهن كلهن قال: نعم قلت: ففيها سلام فاصل قال لا والمراد بالزوال هنا الميل كما تقرر فلا تعارض كراهة الصلاة حال الاستواء (حم عن أبي أيوب) الأنصاري قال ابن الجوزي فيه عبيدة بن مغيث ضعفوه.
2170 - (إن أتقاكم) أي أكثركم تقوى (وأعلمكم) أي أكثركم علما (بالله أنا) لأن الله سبحانه وتعالى جمع له بين علم اليقين وعين اليقين مع الخشية القلبية واستحضار العظمة الإلهية على وجه لم يجتمع لغيره وكلما ازداد علم العبد بربه ازداد تقواه وخوفه منه ومن عرف الله صفا له العيش وهابه كل شئ فمعناه ما أنا عليه من التقوى والعلم أوفر وأكثر من تقواكم وعلمكم فلا ينبغي لأحد أن يتشبه بي ذكره القاضي وقال القرطبي إنما كان كذلك لما خص به في أصل خلقته من كمال الفطنة وجودة القريحة وسداد النظر وسرعة الإدراك ولما رفع عنه من موانع الإدراك وقواطع النظر قبل إتمامه ومن اجتمعت له هذه الأمور سهل الله عليه الوصول إلى العلوم النظرية وصارت في حقه كالضرورية ثم إنه تعالى قد أطلعه من علم صفاته وأحكامه وأحوال العالم على ما لم يطلع عليه غيره وإذا كان في علمه بالله تعالى أعلم الناس لزم أن يكون أخشاهم لأن الخشية منبعثة عن العلم * (إنما يخشى الله من عباده العلماء) * [فاطر: 28] قال الكرماني وقوله أتقاكم إشارة إلى كمال القوة العملية وأعلمكم إلى كمال القوة العلمية والتقوى على مراتب وقاية النفس عن الكفر وهو للعامة وعن المعاصي وهو للخاصة وعما سوى الله وهو لخاص الخواص والعلم بالله يشمل ما بصفاته وهو المسمى بأصول الدين وبأحكامه وهو فروع الدين وما بكلامه وهو علم القرآن وتعلقاته وما بأفعاله وهو معرفة حقائق الأشياء، ولما كان المصطفى صلى الله عليه وسلم جامعا لأنواع التقوى حاويا لأقسام العلوم ما خصص التقوى ولا العلم وقد يقصد بالحذف إفادة العلوم والاستغراق اه‍ وقال بعضهم ظاهر الحديث تمييزه في كل فرد فرد من أوصاف التقوى والعلم فأما التقوى فلا نزاع وأما العلم بالله فقد أخذ بعض شراح الشفا من قوله أعلمكم ولم يقل أعلم خلق الله أن ذلك يخرج علم جبريل بالله فإنه أمين الوحي وملازم الحضرة الأقدسية ثم إن المعرفة غير ممكنة بكنه الحقيقة لجميع الخلق وفي الخبر سبحانك ما عرفناك حق معرفتك (خ عن عائشة) قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرهم من الأعمال بما يطيقون فقالوا إنا لسنا كهيئتك إن الله غفر لك فيغضب حتى يعرف الغضب في وجهه ثم يقول هذا.
2171 - (إن أحب عباد الله إلى الله) أي من أحبهم إليه (أنصحهم لعباده) أي أكثرهم نصحا لهم فإن النصح هو الدين ولهذا قال بعض العارفين لبعض أوصيك بالنصح نصح الكلب لأهله فإنهم يجيعونه ويطردونه ويأبى إلا أن يحوطهم وينصحهم وإضافة العباد إليه تلويح بأن المراد من آمن منهم (عم في زوائد الزهد) أي فيما زاد على كتاب الزهد لأبيه (عن الحسن) البصري (مرسلا).
(٥٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 515 516 517 518 519 520 521 522 523 524 525 ... » »»