فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ٤١٨
1970 - (إن الذكر في سبيل الله يضعف) بالتضعيف وتركه (فوق النفقة سبعمائة ضعف) أي أجر ذكر الله في الجهاد يعدل ثواب النفقة فيه ويزيد سبعمائة ضعف وهذا تنويه عظيم بشأن الذكر وتفخيم بليغ لفضله وتحذير من إهماله فإنه أحد السلاحين بل أحد السنانين (حم طب عن معاذ بن أنس) الجهني والد سهل.
1971 - (إن الرجل) (1) بضم الجيم وفيه لغة بسكونها وذكر الرجل وصف طردي والمراد المكلف رجلا أم امرأة إنسيا أم جنيا وكذا يقال فيما بعده (ليعمل عمل) أهل (الجنة) من الطاعات (فيما يبدو للناس) أي فيما يظهر لهم (2) قال الزركشي وهذه زيادة حسنة ترفع الإشكال من الحديث (وهو من أهل النار) بسبب دسيسة باطنة لا يطلع الناس عليها (3) (وإن الرجل ليعمل عمل) أهل (النار) من

(1) وسببه عن سهل بن سعد الساعدي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم التقى هو والمشركون فاقتتلوا فلما مال أي رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عسكره ومال الآخرون إلى عسكرهم وبعد فراغ القتال في ذلك اليوم وفي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل لا يدع لهم شاذة ولا فاذة إلا تبعها يضربها بسيفه وشاذة وفاذة بتشديد المعجمة:
ما انفرد عن الجماعة، وهما صفة لمحذوف أي نسمة شاذة ولا فاذة - فقال - أي بعض القوم - ما أجزأ اليوم أحد كما أجزأ فلان - أي ما أغنى - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما إنه من أهل النار فقال رجل أنا أصاحبه قال فخرج معه كلما وقف وقف معه فإذا أسرع أسرع معه قال فجرح الرجل جرحا شديدا فاستعجل الموت فجعل نصل سيفه بالأرض وذؤابته بين ثدييه ثم تحامل على سيفه فقتل نفسه فخرج الرجل الذي تبعه إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال أشهد أنك رسول الله قال صلى الله عليه وآله وسلم وما ذاك؟ قال الرجل الذي ذكرته آنفا إنه من أهل النار، فأعظم الناس ذلك فقلت أنا لكم به فخرجت في طلبه ثم جرح جرحا شديدا فاستعجل الموت فوضع نصل سيفه في الأرض وذؤابته بين ثدييه ثم تحامل عليه فقتل نفسه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الرجل فذكره وقد استشكل ما ذكر من كون الرجل من أهل النار بأنه لم يتبين منه إلا قتل نفسه وهو بذلك عاص لا كافر وأجيب بأنه يحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم اطلع على كفره في الباطن وأنه استحل قتل نفسه اه‍.
(2) قال العلقمي قال شيخ شيوخنا هو محمول علي المنافق والمرائي اه‍.
(3) كما وقع لبرصيصا العابد، حكي أنه كان له ستون ألفا من التلامذة وكانوا يمشون في الهواء وكان يعبد الله تعالى حتى تعجبت منه الملائكة فقال لهم الله تعالى لماذا تتعجبون منه إني أعلم ما لا تعلمون في علمي أنه يكفر ويدخل النار أبد الآبدين فكان الأمر كما قال الله تعالى، وقصته مشهورة. وكسحرة فرعون عاشوا كفارا ثم ختم لهم بالايمان، قال قتادة كانوا أول النهار كفارا سحرة وفي آخره شهداء بررة، ثم إن من لطف الله تعالى وسعة رحمته أن انقلاب الناس من الشر إلى الخير كثير وأما انقلابهم من الخير إلى الشر ففي غاية الندرة ونهاية القلة ولا يكون إلا لمن أصر على الكبائر، قال بعضهم ومن علامة البشرى للميت أن يصفر وجهه ويعرق جبينه وتذرف عيناه دموعا، ومن علامات السوة والعياذ بالله تعالى أن تحمر عيناه وتزبد شفتاه ويغط كغطيط البكر اه‍
(٤١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 413 414 415 416 417 418 419 420 421 422 423 ... » »»