فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ٤١٥
عرفة، فالحصر مجازي بل حقيقي فالنصيحة لم تبق من الدين شيئا كما سيجئ، قال بعض وهي تحري الإخلاص قولا وفعلا وبذل الجهد في إصلاح المنصوح له، وهذه الكلمة مع وجازتها في كلامهم أجمع منها، ثم لما حكم بأن النصيحة هي الدين قال مفسرا مبينا (لله) بالإيمان به ونفي الشريك ووصفه بجميع صفات الكمال والجلال وتنزيهه عن جميع ما لا كمال فيه وتجنب معصيته والحب والبغض فيه والاعتراف بنعمته وشكره عليها والشفقة على خلقه والدعاء إلى ذلك، فمن النصيحة لله أن لا تدخل في صفاته ما ليس منها ولا تنسب إليه ما ليس له برأيك فتعتقده على خلاف ما هو عليه فإنه غش، والأشياء كلها بخلاف الباري تعالى لأنها محدثة وهو قديم وجاهلة وهو عليم وعاجزة وهو قدير وعبدة وهو رب وفقيرة وهو غني ومحتاجة إلى مكان وهو غير محتاج إليه فمن شبهه بشئ من خلقه فقد أدخل الغش في صفاته ولم ينصح له ومن أضاف شيئا إلى المخلوقات مما هو عليه فقد غشها (ولكتابه) مفرد مضاف فيعم سائر كتبه وذلك يبذل جهده في الذب عنه من تأويل الجاهلين وانتحال المطلين بالوقوف عند أحكامه (ولرسوله) بالإيمان بما جاء به ونصرته حيا وميتا وإعظام حقه وبث دعوته ونشر سنته والتلطف في تعلمها وتعليمها والتأدب بآدابه وتجنب من تعرض لأحد من آله وأصحابه (ولأئمة المسلمين) الخلفاء ونوابهم بمعاونتهم على الحق وإطاعتهم فيه وأمرهم به وتذكيرهم برفق وإعلامهم بما غفلوا عنه من حق المسلمين وترك الخروج عليهم والدعاء بصلاحهم (وعامتهم) بإرشادهم لما يصلح أخراهم ودنياهم وكف الأذى عنهم وتعليمهم ما جهلوه وستر عورتهم وسد خلتهم وأمرهم بالمعروف
(٤١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 410 411 412 413 414 415 416 417 418 419 420 ... » »»