متوطنا أو متشوقا إلى رؤية المصطفى صلى الله عليه وسلم ومتعلما منه ومستقربا ثم بعد هذا في زمن الخلفاء كذلك ثم من بعدهم من العلماء لأخذ السنن عنهم ثم في كل وقت إلى زمننا لزيارة قبره الشريف والتبرك بمشاهدة آثاره وآثار أصحابه فلا يأتيها إلا مؤمن ثابت الإيمان وفي التشبيه رمز إلى أنهم ينضمون إليها بلا عوج كدخول الحية جحرها فإنه بلا عوج، قيل وأراد بالمدينة جميع الشام لأنها منه وخصها لشرفها، ثم قيل إن ذا يعم كل زمن وقيل يختص بحياته ثم القرون الثلاثة بعده وفيه صحة مذهب أهلها وسلامتهم من البدع إلى آخر زمن الخلفاء الراشدين (حم ق ه عن أبي هريرة) ورواه مسلم من طريق أخرى بلفظ ليأرز بين المسجدين ورواه البغوي في المعجم بلفظ ليأرزن الإسلام إلى ما بين المسجدين وفي الباب سعد بن أبي وقاص وغيره.
1959 - (إن البركة تنزل في وسط الطعام) بسكون السين قال الحافظ العراقي يحتمل إرادة الإمداد من الله تعالى (فكلوا) ندبا (من حافاته) أي جوانبه وأطرافه كل يأكل مما يليه (ولا تأكلوا من وسطه) (1) ندبا لكونه محل تنزلات البركة قال ابن العربي البركة في الطعام تكون بمعان كثيرة منها استمراء الطعام ومنها صيانته عن مرور الأيدي عليه فتتقذر النفس منه ومنها أنه إذا أخذ الطعام من الجوانب يتيسر عليه شيئا فشيئا وإذا أخذ من أعلاه كان ما بقي بعده دونه في الطيب ومنها ما يخلق الله من الأجزاء الزائدة فيه (ت ك) في الأطعمة (عن ابن عباس) قال الحاكم صحيح وأقره الذهبي.
1960 - (إن البيت) يعني الموضع (الذي فيه الصور) أي ذوات الأرواح وإن لم يكن لها ظل عند الجمهور لا صورة ما لا روح فيه كشجر (لا تدخله الملائكة) ملائكة الرحمة والبركة، لا الحفظة فإنهم لا يفارقون وذلك زجر لصاحب البيت ولأن في اتخاذها تشبها بالكفار فإنهم يتخذونها في بيوتهم ويعظمونها فتصوير ما له روح حرام كما مر ويجئ، وشمل الحديث الصور الممتهنة كالتي على البسط وبه صرح الخطابي لكن نازع فيه بعضهم وإذا حصل الوعيد لصانعها فهو حاصل لمستعملها لأنها لم تصنع إلا لتستعمل فالصانع سبب والمستعمل مباشر فهو أولى (مالك) في الموطأ (ق عن عائشة) قالت:
اشتريت نمرقة فيها تصاوير فلما رآها رسول الله (ص) قام على الباب فلم يدخل فعرف أو عرفت في وجهه الكراهة فقلت: يا رسول الله أتوب إلى الله وإلى رسوله فماذا أذنبت قال: فما بال هذه النمرقة؟