فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ٤٠٨
أهلهم وعشيرتهم قيل وهم أصحاب الحديث يعني كون الإسلام غريب ليس منقصة عليهم بل سبب لتقريبهم في الآخرة اه‍ وهو تخصيص بغير مخصص قال الكلاباذي وإذا صار الأمر إلى هذا كان المؤمن في زمن المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم فإن النازع من القبيلة مهاجر مفارق لأهله ووطنه (م ه عن أبي هريرة) لكن لفظة رواية مسلم في كتاب الإيمان من حديث أبي هريرة بدأ الإسلام غريبا وسيعود كما بدأ فطوبى للغرباء وفي رواية له من حديث ابن عمر إن الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا كما بدأ وهو يأرز بين المسجدين كما تأرز الحية في حجرها انتهى بنصه وبتأمله يعرف أن المؤلف تساهل في عزوه لمسلم باللفظ المزبور عن أبي هريرة (ت ه عن ابن مسعود) عبد الله (ه عن أنس) بن مالك (طب) عن سلمان الفارسي (وسهل بن سعد) الساعدي (وابن عباس) ترجمان القرآن ولم يخرجه البخاري وذكر الترمذي في العلل أنه سأل عنه البخاري قال حديث حسن.
1952 - (إن الإسلام بدأ جذعا) بجيم وذال معجمة أي شابا فتيا والفتي من الإبل ما دخل في الخامسة، ومن بقر ومعز في الثانية، وضأن ما تم له عام (ثم ثنيا) هو من الإبل ما دخل السادسة ومن البقر الثالثة (رباعيا) بالتخفيف وهو من الإبل ما دخل في السابعة (ثم سديسا) من الإبل ما دخل في الثامنة (ثم بازلا) من الإبل ما دخل في التاسعة وحينئذ تكمن قوته قال عمر وما بعد البزال إلا النقصان أي فالإسلام استكمل قوته وبعد ذلك يأخذ في النقص واعلم أن الأرض كانت قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم مظلمة مطبقة وأنوار الإيمان غائبة عن الأرض موجودة عند الملائكة وأهل الإيمان بالغيب فلما أرسل الله رسوله صلى الله عليه وسلم طلعت بظهوره شمس الإيمان بمكة فاستنار به من قبل من نوره بالإيمان به فلم يزل الدين يظهر شيئا فشيئا لكن بحكم الضعف لأنه طلع في سحاب متراكم بعضه على بعض فلم يزل كذلك مرة يظهر ومرة يخفى حتى هاجر من هاجر من أصحابه وبقي المستضعفون بمكة حتى ظهر المصطفى صلى الله عليه وسلم بالمدينة وافتتح الأقطار شيئا بعد شئ حتى فتح مكة واتصل النور وانفتح حتى توفي وبقي الفتح ظاهرا حتى غمر الأرض بوجود نوره عند خلفائه والقائمين به من بعده فلما ضعف الإيمان الذي هو النور بقبضه عن الخلق لمخالفتهم ظهر سلطان الليل حتى يأتي وعيد الله (حم) من حديث علقمة بن عبد الله المزني (عن رجل) أي قال حدثني رجل قال: كنت في مجلس فيه عمر بالمدينة فقال لرجل من القوم كيف سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينعت الإسلام قال: سمعته يقول فذكره قال الهيثمي وفيه راو لم يسم وبقية رجاله ثقات.
1953 - (إن الإسلام نظيف) نقي من الدنس (فتنظفوا) أي نقوا ظواهركم من دنس نحو مطعم وملبس حرام وملابسة قذر وبواطنكم بإخلاص العقيدة ونفي الشرك ومجانبة الأهواء وقلوبكم من
(٤٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 403 404 405 406 407 408 409 410 411 412 413 ... » »»