فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ٤٠٣
للبيت وفي رواية للبيهقي في الشعب عنه أيضا ينزل الله كل يوم مائة رحمة: ستين منها للطائفين بالبيت وعشرين على أهل مكة وعشرين على سائر الناس، قال في الإتحاف والأحاديث في ظاهرها تخالف ويحتمل أنه أراد بالعاكفين المصلين فلا تخالف وأما حديث المائة ففيه إثبات عشرين لأهل مكة وعشرين للناس وهو لا ينافي الخبرين قبله إذ فيه إثبات ستين للطائفين ولا تعرض فيه لعاكف ولا مصل ولا ناظر ويحتمل أن للطائف أربعين وللمصلي أربعين ويكون كل حديث على ظاهره ولا يلزم من عدم التعرض لذكره في الحديث الآخر أنه ليس له شئ كما لا يلزم من عكسه العكس وليس في الحديث صيغة حصر فتكون الرحمات النازلة مائة وستين وهذا أقرب والقسمة على كل فريق على قدر العمل لا على مسماه على الأظهر اه‍، وقال المحب الطبري في القسمة وجهان الأول على المسمى بالسوية لا على العمل قلة وكثرة وما زاد على المسمى فله ثواب من غير هذا الوجه الثاني قسمتها على العمل لأن الحديث ورد في سياق الحث والتحضيض فلا يستوي فيه عامل الأقل والأكثر ولأن الرحمات متنوعة بعضها أعلا من بعض فرحمة يعبر بها عن المغفرة وأخرى عن العصمة وأخرى عن الرضى وأخرى عن القرب وأخرى عن تبوء مقعد صدق وأخرى عن النجاة من النار إلى غير نهاية إذ لا معنى للرحمة إلا العطف فتارة يكون بنعمة وتارة بدفع نقمة وكلاهما ينوع إلى غير نهاية ومع ذلك يفرض التساوي بين مقل ومكثر ومخلص وغيره وحاضر القلب وساه وخاشع وغيره فالأرجح أن ينال كل بقدر عمله ما يناسبه من الأنواع قال ويحتمل أن يحصل لكل طائف ستون ويكون العدد بحسب عمله في ترتيب أعلى الرحمات وأوسطها وأدناها ويحتمل أن جميع الستين بين كل الطائفتين والأربعين بين المصلين والعشرين بين الناظرين وتكون القسمة على حسب أحوالهم في العدد والوصف حتى يشترك الجم الغفير في الرحمة الواحدة وينفرد الواحد برحمات وفي الحديث فضل الطواف على الصلاة والصلاة على النظر إذا تساووا في الوصف فيخص به عموم خبر واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة والصلاة خير موضوع وخرج بقوله إذا تساووا في الوصف ما لو اختلف وصف المتعبدين فكان الطائف ساهيا غافلا والمصلي أو الناظر خاشعا فالخاشع أفضل وقال كثير في توجيه الحديث إن المائة وعشرين قسمت ستة أجزاء فجعل جزء للناظرين وجزآن للمصلين لأن المصلي ناظر غالبا والطائف لما اشتمل على النظر وصلاة ركعتيه كان له ثلاثة أجزاء وفيه نظر لأن الطائف الأعمى وكذا المصلي لهما ما ثبت لهما وإن لم ينظرا وكذا لو تعمد ترك النظر فيهما لا ينقص حظه وأما النظر في الطواف فإن لم يقترن بقصد تعبد فلا أثر له وإن قصده نال به أجر الناظرين زائدا على أجر الطواف (طب) وكذا الخطيب في التاريخ والبيهقي في الشعب (والحاكم في الكنى) أي في كتاب الكنى (وابن عساكر) في التاريخ كلهم (عن ابن عباس) ظاهر صنيع المصنف أن ابن عساكر خرجه وسكت عليه والأمر بخلافه فإنه أورده في ترجمة عبد الرحمن بن السفر من حديثه ونقل عن ابن منده أنه متروك وتبعه الذهبي وقال ابن الجوزي حديث لا يصح ففيه من طريق يوسف بن السفر تفرد به وهو كما قال الدارقطني والنسائي متروك وقال الدارقطني يكذب وابن حبان لا يحل الاحتجاج به وقال يحيى ليس بشئ انتهى ومنه أخذ الهيثمي قوله بعد ما عزاه للطبراني فيه يوسف بن السفر وهو متروك.
(٤٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 398 399 400 401 402 403 404 405 406 407 408 ... » »»