1935 - (إن الله تعالى يقول إني لأهم بأهل الأرض عذابا) كقحط وجوع وفتن توجب قتلا ونحو ذلك (فإذا نظرت إلى عمار بيوتي) أي عمار المساجد التي هي بيوت الله بالذكر والتلاوة والصلاة وأنواع العبادة (والمتحابين في) أي لأجلي لا لغرض دنيوي (والمستغفرين بالأسحار) أي الطالبين من الله المغفرة فيها (صرفت عذابي عنهم) أي عن أهل الأرض إكراما لهؤلاء ويحتمل عود الضمير إلى هؤلاء فقط لكن يؤيد الأول خبر لولا شيوخ ركع وأطفال رضع وبهائم رتع لصب عليكم العذاب صبا وليس المراد بالهم هنا حقيقته من العزم على الشئ ولا الإرادة والألم يتخلف وقوعه بل ذكر تقريبا لأفهامنا وحثا لنا على هذه الخصال الفاضلة وخصها لما في الأولى من إقامة شعائر الدين وفي الثانية من الائتلاف والاجتماع على نصره وفي الثالثة من محو الذنوب أو فأولا ولأن الاستغفار ممحاة للذنوب كما في خبر يأتي فلذلك كانت صارفة للعذاب (هب عن أنس) وفيه صالح المري أورده الذهبي في الضعفاء والمتروكين وقال قال النسائي وغيره متروك.
1936 - (إن الله تعالى يقول إني لست على كل كلام الحكيم أقبل) أي أثيب (ولكن أقبل على همه) أي عزمه ونيته (وهواه) أي ما يميل إليه (فإن كان همه وهواه فيما يحب الله ويرضى) جمع بينهما للتأكيد وإلا فأحدهما كاف (جعلت صمته) أي سكوته (حمدا لله) أي بمنزلة ثنائه على الله تعالى باللسان (ووقارا وإن لم يتكلم) أي وإن كان همه وهواه فيما لا يحبه ولا يرضاه فلا أجعل صمته كذلك بل إنما يعاتب أو يعاقب عملا بنيته وحذف الشرط الثاني وجزاءه لفهمه مما قبله ولم يأت به بالمنطوق تحقيرا لشأن من قام به وفيه إيماء إلى علو مقام الفكر ومن ثم قال الفضيل الفكر مخ العبادة وقال الحسن من لم يكن كلامه حكمة فهو لغو ومن لم يكن سكوته فكرة فهو سهو وقال وهب ما طال فكر امرئ قط إلا علم وما علم إلا عمل وقال الداراني الفكر في الدنيا حجاب عن الآخرة وعقوبة لأهل الولاية والفكر في الآخرة يورث الحكمة ويحيي القلوب وقال الجنيد أشرف المجالس الجلوس مع الفكر في ميدان التوحيد والتسنيم تنسيم المعرفة والشرب بكأس المحبة من بحر الوداد وقال الشافعي رضي الله تعالى عنه استعينوا على الكلام بالصمت وعلى الاستنباط بالفكر وصحة النظر في الأمور نجاة من الغرور (ابن النجار) في التاريخ (عن المهاجر بن حبيب) لم أره في الصحابة في أسد الغابة ولا في التجريد.