فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ٣٥٧
ومن أنكر طلوعها من مغربها كفر وسمعت عن بعض أهل عصرنا أنه ينكره نعوذ بالله من الخذلان انتهى وأنت خبير بأن جزمه بالتكفير لا يكاد يكون صحيحا سيما في حق العامة لأنه لم يبلغ مبلغ المعلوم من الدين بالضرورة ومجرد وروده في أخبار صحاح لا يوجب التكفير فتدبر (حم م) في التوبة (عن أبي موسى) الأشعري ورواه عنه أيضا النسائي في التفسير ولم يخرجه البخاري.
1845 - (إن الله تعالى يبعث لهذه الأمة) أي يقيض لها (على رأس كل مائة سنة) من الهجرة أو غيرها على ما سبق تقريره والمراد الرأس تقريبا (من) أي رجلا أو أكثر (يجدد (1) لها دينها) أي يبين السنة من البدعة ويكثر العلم وينصر أهله ويكسر أهل البدعة ويذلهم قالوا ولا يكون إلا عالما بالعلوم الدينية الظاهرة والباطنة قال ابن كثير قد ادعى كل قوم في إمامهم أنه المراد بهذا الحديث والظاهر أنه يعم جملة من العلماء من كل طائفة وكل صنف من مفسر ومحدث وفقيه ونحوي ولغوي وغيرهم ومر تعيين المبعوث على كل قرن وأن المؤلف ذكر أنه المجدد التاسع وصرح به في قصيدة بقوله:
الحمد لله العظيم المنه * المانح الفضل لأهل السنة ثم الصلاة والسلام نلتمس * على نبي دينه لا يندرس لقد أتى في خبر مشتهر * رواه كل عالم معتبر بأنه في رأس كل مائة * يبعث ربنا لهذى الأمة منا عليها عالما يجدد * دين الهدى لأنه مجتهد فكان عند المائة الأولى عمر * خليفة العدل بإجماع وقر والشافعي كان عند الثانية * لما له من العلوم السامية وابن سريج ثالث الأئمة * والأشعري عده من أمه والباقلاني رابع أو سهل أو * الأسفرايني خلف قد حكوا والخامس الحبر هو الغزالي * وعده ما فيه من جدال والسادس الفخر الإمام الرازي * والرافعي مثله يوازي والسايع الراقي إلى المراقي * ابن دقيق العيد باتفاق والثامن الحبر هو البلقيني * أو حافظ الأنام زين الدين والشرط في ذلك أن تمضي المائة * وهو على حياته بين الفئة يشار بالعلم إلى مقامه * وينصر السنة في كلامه وأن يكون جامعا لكل فن * أن يعم علمه أهل الزمن

(1) قال العلقمي معنى التجديد إحياء ما اندرس من العمل من الكتاب والسنة والامر بمقتضاهما واعلم أن المجدد إنما هو بغلبة الظن بقرائن أحواله والانتفاع بعلمه.
(٣٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 352 353 354 355 356 357 358 359 360 361 362 ... » »»