فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ٣٥٥
قال قد عرفت أو لأن آدم وحواء عليهما السلام التقيا فيه فتعارفا أو لأن الناس يتعارفون فيه (حم طب عن ابن عمرو) ابن العاص ورواه الحاكم من حديث أبي هريرة بنحوه قال الهيثمي رجال أحمد موثوقون.
1841 - (إن الله تعالى يباهي بالشاب) هو الذي لم يصل إلى حد الكهولة (العابد) لله تعالى (الملائكة، يقول انظروا إلى عبدي) هذا الشاب (ترك شهوته من أجلي) أي قهر نفسه فصام نهاره وقام ليله وشغل بالعبادة عن التبسط في الملاذ والتوسع في المطاعم والمشار ب والملابس وكفها عن لذاتها ابتغاء لرضاي وأما أنتم أيها الملائكة فلا تقاسون تجرع مرارات مخالفة النفس والهوى لكونكم ليس في أحد منكم خلط ولا تركيب بل كل منكم وحداني الصفة مجبول على الطاعة (ابن السني) في عمل يوم وليلة (فر عن طلحة) بن عبيد الله أحد العشرة المبشرة وفيه يحيى بن بسطام قال الذهبي في الضعفاء قال ابن حبان لا تحل الرواية عنه ويزيد بن زياد الشامي قال في الضعفاء قال البخاري منكر الحديث.
وقال النسائي متروك.
1842 - (إن الله تعالى يبتلي) أي يختبر ويمتحن (عبده المؤمن) القوي على احتمال ذلك (بالسقم) بضم فسكون أي المرض (حتى يكفر عنه كل ذنب) فيجب على العبد أن يشكر الله على البلاء لأنه في الحقيقة نعمة لا نقمة لأن عقوبة الدنيا منقطعة وعقوبة الآخرة دائمة ومن عجلت عقوبته في الدنيا لا يعاقب في العقبى قال القرطبي والمكفر بالمرض الصغائر بشرط الصبر أما الكافر فقد يزاد له بالبلاء في المال والولد وقد يخفف عنه به عقوبة غير الشرك (تنبيه) قال العارف الجيلاني رضي الله تعالى عنه قد يقرب الله عبده المؤمن ويجتبيه ويفتح قبالة عين قلبه باب الرحمة والمنة والإنعام فيرى بقلبه ما لا عين رأت ولا أذن سمعت من مطالعة الغيوب في ملك السماء والأرض ومن تقريب وكلام لطيف ووعد جميل ودلال وإدلال وإجابة دعاء وتصديق وعد وكلمات حكمة تومي إلى قلبه من بعد فتظهر على لسانه ويسبغ على قلبه نعمه الدنيوية والدينية ويديم ذلك عليه برهة حتى إذا اطمأن لذلك واغتر به وظن دوامه فتح عليه بابا من البلاء والمحن في نفسه وأهله وماله وقلبه فينقطع كلما كان فيه من نعيم فيبقى متحيرا حزينا مكسورا مقطوعا به إن نظر إلى ظاهره رأى ما يسوؤه أو إلى قلبه وباطنه وجد ما يحزنه وإن سأل الله كشف ما به من البلاء لم ترج إجابته وإن طلب وعدا جميلا لم يجده سريعا وإن وعد بشئ لم يصل إليه وإن رأى رؤيا لم يظفر بتعبيرها وتصديقها وإن رام الرجوع إلى الخلق لم يجد إليه سبيلا وإن عمل برخصة تسارع إليه العقاب وسلطت أيدي الخلائق على جسمه وألسنتهم على عرضه وإن طلب الإقالة لم يقل أو الرضى أو التنعم بما هو فيه من البلاء لم يعط وحينئذ تأخذ النفس في الذوبان والهوى في الزوال والأمان والإرادات في الرحيل والأكوان كلها في التلاشي ويدام ذلك عليه مدة حتى
(٣٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 350 351 352 353 354 355 356 357 358 359 360 ... » »»