تفنى جميع أوصافه البشرية فإذا صار روحا مجردا تعطف الحق عليه يسمع النداء من باطنه * (اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب) * [ص: 42] وحينئذ يمطر الله على قلبه ماء رحمته ورأفته ولطفه ومنته ويزيل عنه سائر البلاء ويطلق ألسنة خلقه بمدحه والثناء عليه وبذل له الرقاب وتسخر له الملوك والأرباب (طب عن جبير بن مطعم ك عن أبي هريرة) قال الهيثمي في سند الطبراني عبد الرحمن بن معاوية ابن الحويرث ضعفه ابن معين ووثقه ابن حبان.
1843 - (إن الله تعالى يبتلي) أي يمتحن ويختبر (العبد فيما أعطاه) من الرزق (فإن رضى بما قسم الله له) أي بالذي قسم له منه أو بقسمة الله (بورك له) بالبناء للمفعول يعني بارك الله له فيه (ووسعه) عليه (وإن لم يرضى) به (لم يبارك له) فيه (ولم يزده على ما كتب له) أي قدر له في الأزل أو في بطن أمه لأن من لم يرض بالمقسوم كأنه سخط على ربه حيث لم يقسم له فوق ما قسم فاستحق حرمانه من البركة لكونه يرى نفسه أهلا لأكثر مما قدر له واعترض على الله في حكمته قال بعضهم وهذا الداء قد كثر في أبناء الدنيا فترى أحدهم يحتقر ما قسم له ويقلله ويقبحه ويعظم ما بيد غيره ويكثره ويحسنه ويجهد في المزيد دائما فيذهب عمره وتنحل قواه ويهرم من كثرة الهم والتعب فيتعب بدنه ويفرق جبينه وتسود صفحته من كثرة الآثام بسبب الانهماك في التحصيل مع أنه لا ينال إلا المقسوم فخرج من الدنيا مفلسا لا هو شاكر ولا نال ما طلب (حم و) عبد الباقي (ابن قانع) في معجم الصحابة (هب) كلهم (عن) عبد الله بن الشخير (عن رجل من بني سليم) قال عبد الله لا أحبسه إلا رأى النبي صلى الله عليه وسلم وإبهام الصحابي غير قادح لأنهم كلهم عدل كما مر قال الهيثمي رجاله رجال الصحيح.
1844 - (إن الله تعالى يبسط يده بالليل) أي فيه (ليتوب مسئ النهار) مما اجترح فيه وهو إشارة إلى بسط يد الفضل والإنعام لا إلى الجارحة التي هي من لوازم الأجسام فالبسط في حقه عبارة عن التوسع في الجود والتنزه عن المنع عند اقتضاء الحكمة (ويبسط يده بالنهار ليتوب مسئ الليل) يعني يقبل التوبة من العصاة ليلا ونهارا أي وقت كان فبسط اليد عبارة عن قبول التوبة ومن قبل توبته فداه بأهل الأديان يوم القيامة كما مر ويجئ في خبر وفيه تنبيه على سعة رحمة الله وكثرة تجاوزه عن المذنبين ولا يزال كذلك (حتى تطلع الشمس من مغربها (1) فإذا طلعت منه غلق باب التوبة قال في المطامح