فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ١٦٦
وكلمة التهليل معترضة (أنت الحي القيوم) أي الدائم القائم بتدبير الخلق (الذي لا يموت) بلفظ الغائب للأكثر وفي بعض الروايات بلفظ الخطاب أي الحي الحياة الحقيقية التي لا يجامعها الموت بحال (والجن والإنس يموتون) عند تقضي آجالهم، وكلمة تضلني متعلقة بأعوذ أي من أن تضلني وكلمة التوحيد معترضة لتأكيد العزة واستغنى عن ذكر عائد الموصول لأن نفس المخاطب هو المرجوع إليه ليحصل الارتباط ومثله أنا الذي سمتني أمي حيدرة ولا حجة فيه لمن استدل به على عدم موت الملائكة لأنه مفهوم لقب ولا عبرة به وعلى تقديره فيعارضه ما هو أقوى منه وهو عموم قوله * (كل شئ هالك إلا وجهه) * [القصص: 88] مع أنه لا مانع من دخولهم في مسمى الجن بجامع ما بينهم من الاجتنان عن عيون الناس والحياة حقيقة في القوة الحاسة أو ما يقتضيها وبه سمي الإنسان حيوانا مجازا في القوة النامية لأنها من طلائعها ومقدماتها وفيما يخص الإنسان من الفضائل كالعلم والعقل والإيمان من حيث أنها كمالاتها ومتمماتها والموت بإزائها وإذا وصف بها البارئ أريد بها صحة اتصافه بالعلم والقدرة اللازمة لهذه القوة فينا أو معنى قائم بذاته يقتضي ذلك على الاستعارة (م) في الدعوات (عن ابن عباس) قضية كلام المصنف أن هذا من مفردات مسلم عن صاحبه وليس كذلك فقد رواه البخاري في التوحيد عن ابن عباس.
1503 - (اللهم لك الحمد كالذي نقول) بالنون أي كالذي نحمدك به من المحامد (وخيرا مما نقول) بالنون أي مما حمدت به نفسك أو استأثرت به في علم الغيب عندك سبحانك لا نحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك (اللهم لك) لا لغيرك (صلاتي ونسكي) عبادتي أو ذبائحي في الحج والعمرة ونص عليه لأن ذبائح الجاهلية كانت بأسماء أصنامهم (ومحياي) حياتي (ومماتي) موتي أي لك ما فيها من سائر أعمالي والجمهور على فتح ياء محياي وسكون ياء مماتي ويجوز الفتح والإسكان فيهما (وإليك مآبي) أي منقلبي ومرجعي (ولك رب تراثي) بتاء ومثلثة ما يخلفه الإنسان لورثته من بعده وتاؤه بدل من واو فبين المصطفى صلى الله عليه وسلم بهذا أنه ما يورث وأن ما يخلفه غيره لورثته يخلفه هو صدقة لله سبحانه وفي الخبر إنا معاشر الأنبياء لا نورث ما نركناه فهو صدقة.
(اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر) استعاذ منه لأنه أول منزل من منازل الآخرة فسأل الله أن لا يتلقاه في أول قدم يضعه في الآخرة في قبره عذاب ربه (ووسوسة الصدر) أي حديث النفس بما لا ينبغي وأضافها للصدر لأن الوسوسة في القلوب التي في الصدور (وشتات الأمر) أي تفرقته وتشعبه وفي الصحاح أمر شتت بالفتح أي متفرق وقال الزمخشري: تقول فرقهم البين المشتت وتفرقوا شتتا وأشتاتا.
(١٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 ... » »»