فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٧٧
بالإيمان والحكمة والتذكير بآلاء الله وأيامه فلم ينفعه ما تلفظ به مع جحود قلبه. روى مسلم عن عمرو بن الشريد قال: " ردفت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: هل معك من شعر أمية؟ قلت: نعم فأنشدته مائة بيت فقال: لقد كاد أن يسلم في شعره " وروى ابن مردويه بإسناد قال ابن حجر قوي عن ابن عمر وفي قوله تعالى: * (واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها) * قال: نزلت في أمية بن أبي الصلت. وقال غيره في بلعام وعاش أمية حتى أدرك وقعة بدر ورثا من قتل بها من الكفار ومات أيام حصار الطائف كافرا، ومن نظمه:
مليك على عرش السماء مهيمن * لعزته تعثو الوجوه وتسجد ومنه قصيدة أخرى كل دين يوم القيامة عند الله * إلا دين الحنيفة بور ومنه أيضا مجدوا الله فهو للمجد أهل * ربنا في السماء أمسى كبيرا ومنه من أخرى يا رب لا تجعلني كافرا أبدا * واجعل سريرة قلبي الدهر إيمانا قال ابن حجر: فلذلك قال: آمن شعره.
ومن نظمه أيضا يمدح ابن جدعان يطلب نائلة:
أأذكر حاجتي أم قد كفاني؟ * حياؤك إن شيمتك الحياء إذا أثنى عليك المرء يوما * كفاه من تعرضك الثناء كريم لا يغيره صباح * عن الخلق الجميل ولا مساء يباري الريح مكرمة وجودا * إذا ما الضب أجحره الشتاء وأخرج ابن عساكر وأبو حذيفة في المبتدأ عن أبي إسحاق عن الزهري عن سعيد بن المسيب قال: قدمت الفارعة أخت أمية بن أبي الصلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لها وكانت ذات لب وكمال هل تحفظين من شعر أخيك شيئا؟ قالت: نعم وأعجب ما رأيته كان أخي في سفر فلما انصرف دخل علي فرقد على السرير وأنا أحلق أديما في يدي إذ أقبل طائران أو كالطائرين فوقع على الكوة أحدهما ودخل الأخر فوقع عليه فشق ما بين ناصيته إلى عانته ثم أدخل يده في جوفه فأخرج قلبه فوضعه في كفه ثم شمه فقال له الطائر الأعلى: أوعى؟ قال: وعى، ثم رده مكانه فالتأم الجرح أسرع من طرفة عين ثم ذهب فنبهته فقال: مالي أراك مرتاعة؟ فأخبرته فقال: خير ثم أنشأ يقول:
باتت همومي تسري طوارقها * أكفكف عيني والدمع سابقها مما أتاني من اليقين ولم * أوت برأة يقص ناطقها أو من تلظى عليه واقدة النار * محيط بهم سرادقها أم أسكن الجنة التي وعد * الأبرار مصفوفة نمارقها
(٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة