فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٤٠٩
تعد فيها بنحو شر كما يدل عليه السبب الآتي. (حم تخ عن ابن عمرو) بن العاص قال حمل عمر بن الخطاب رجلا على فرس في سبيل الله ثم وجد صاحبه أوقفه يبيعه فأراد أن يشتريه فنهاه المصطفى ثم ذكره رمز المؤلف لصحته.
528 - (إذا تطيبت المرأة لغير زوجها) أي استعملت الطيب في شئ من بدنها أو ملبوسها لاستمتاع غير حليل كزان أو مساحقة أو ليجد الأجانب ريحها وإن خلى عن الزنا والسحاق (فإنما هو) أي تطيبها لذلك (نار) أي يجر إليها ويؤدي إلى استحقاقها فهو من مجاز التشبيه (وشنار) بشين معجمة ونون مفتوحتين مخفف عيب وعار. قال الزمخشري: رجل شنير كثير الشنار قال بعضهم:
ونحن رعية وهم رعاة * ولولا رعيهم شنع الشنار يريد أن الناس يقولون النار ولا العار وفعل هذه العاهرة قد بلغ من الشناعة ما اجتمع لها فيه النار والعار معا وقد جمع لهاتين العقوبتين الدنيوية والأخروية عار بعده نار (طس عن أنس) قال الهيتمي فيه امرأتان لم أعرفهما وبقية رجاله ثقات.
529 - (إذا تغولت لكم الغيلان) أي ظهرت وتلونت بصور مختلفة قال في الأذكار الغيلان جنس من الجن والشياطين وهو سحرتهم ومعنى تغولت تلونت وتراءت في صور وقال بعضهم غيره كانت العرب تزعم أنها تتراءى في الفلوات فتتلون في صور شتى فتغولهم أي تضلهم عن الطريق وتهلكهم وقد نفى ذلك الشارع بقوله " لا غول " لكن ليس المراد به نفي وجوده، بل إبطال زمن إضلاله، فمعنى لا غول أي لا تستطيع أن تضل أحدا قال القزويني: وقد رأى الغول جمع من الصحابة منهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين سافر إلى الشام قبل الإسلام فضربه بالسيف ويقال إنه كخلقة الإنسان لكن رجلاه رجلا حمار (فنادوا بالأذان) أي ادفعوا شرها برفع الصوت بذكر الله كذا عند ابن حجر وظاهره أنه ليس المراد بالأذان هنا حقيقته الشرعية بالإتيان بأي ذكر كان وهو غير قويم فقد عدوا من المواطن التي يندب فيها الأذان الشرعي تغول الغيلان وقال في الأذكار المراد بقوله فنادوا بالأذان ادفعوا شرها بالأذان فإن الشيطان إذا سمع الأذان أدبر كما قال (فإن الشيطان) إبليس على ما درج عليه جمع أو جنس الشيطان وهو كل متمرد من الجن والإنس لكن المراد هنا شيطان الجن (إذا سمع النداء) بالأذان (أدبر) ولى هاربا (وله حصاص) بمهملات كغراب أي ولى وله شدة عدو وضراط لثقل الأذان عليه كما يضرط الحمار لثقل الحمل واستخفافا بالذكر. قال عياض: ويمكن حمله على ظاهره لأنه جسم يصح منه خروج الريح ويحتمل كونه عبارة عن شدة نفاره. قال الطيبي: شبه شغل الشيطان نفسه عند سماع الأذان بالصوت الذي غلب على السمع ومنعه من سماع غيره ثم سماه حصاصا أو ضراطا تقبيحا له وزاد في رواية البخاري حتى لا يسمع التأذين وظاهره أنه يتعمد ذلك لئلا يسمع وفيه ندب رفع الصوت بالأذان تنفيرا للشياطين وإنما كان الشيطان ينفر منه لأنه جامع لعقيدة الإيمان
(٤٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 404 405 406 407 408 409 410 411 412 413 414 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة