فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٤٠٨
العين والقدم وينجسها انتهى. والأوجه أنه إن أمن تنجس قدميه ككونه في أرض رملية مثلا ولم يؤذه فهو محبوب أحيانا بقصد هضم النفس وتأديبها ولهذا ورد أن المصطفى كان يمشي حافيا ومنتعلا وكان الصحب يمشون حفاة ومنتعلين وعلى خلاف ذلك يحمل الأمر بالانتعال وإكثار النعال (طس خط عن ابن عباس) ورواه عنه أيضا الحاكم في تاريخه والديلمي وفيه سليمان عن عيسى بن نجيح. قال الذهبي: كان يضع وأورده ابن الجوزي في الموضوعات وأقره عليه المؤلف في مختصر الموضوعات لكن يقويه بعض قوة خبر الطبراني من مشى حافيا في طاعة لم يسأله الله يوم القيامة عما افترض عليه لكن قيل بوضعه أيضا.
525 - (إذا تسميتم بي) أي باسمي وهو محمد وليس مثله أحمد خلافا لمن وهم (فلا تكنوا) بحذف إحدى التاءين تخفيفا (بي) أي بتكذيبي يعني لا تجمعوا بين اسمي وكنيتي لواحد قال جمع وهذا في عصره لئلا يشتبه فيقال يا أبا القاسم فيظن أنه المدعو فيلتفت فيتأذى * (وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله) * واسمه قد سمي به قبل مولده نحو خمسة عشر وسمى به في حياته محمد بن أبي بكر وابن أبي سلمة وغيرهما فإذا سمعه لم يلتفت إليه حتى بتحقق أنه المدعو وأما كنيته فلم يتكن بها أحد غيره والأصح عند الشافعية حرمة التكني به مطلقا في زمنه وبعده لمن اسمه محمد وغيره وإنما خص بهذه الكنية إيذانا بأنه الخليفة الأعظم الممد لكل موجود من حضرة المعبود سيما في قسمة الأرزاق والعلوم والمعارف (ت عن جابر) بن عبد الله رمز لحسنه.
526 - (إذا تصافح المسلمان) الرجلان أو المرأتان أو رجل ومحرمه أو حليلته يعني جعل كل منهما بطن يده على بطن يد الآخر إذ المصافحة كما في النهاية إلصاق صفح الكف بالكف. وقال التلمساني: وضع باطن الكف على باطن الأخرى مع ملازمة بقدر ما يقع من سلام أو كلام (لم تفرق) بحذف إحدى التاءين (أكفهما) يعني كفاهما كقوله تعالى * (فقد صغت قلوبكما) * (حتى يغفر لهما) أي الصغائر لا الكبائر لما مر فيتأكد المصافحة كذلك وهي كما في الأذكار سنة مجمع عليها انتهى ولا تحصل السنة إلا بوضع اليمين في اليمين حيث لا عذر كما مر وظاهر الحديث لا فرق بين كون الوضع بحائل ككم قميص ودونه، وهو عن بعضهم خلافه ويكره اختطاف اليد ومصافحته الأمرد دون معانقته كنظره فإن كان بشهوة حرم اتفاقا أو بدونها جاز عند الرافعي وحرم عند النووي وخرج بالمسلم الكافر فتكره مصافحته لندب الوضوء من مسه (طب عن أبي أمامة) قال الهيتمي فيه مهلب بن العلاء لا أعرفه وبقية رجاله ثقات.
527 - (إذا تصدقت) أي أردت التصدق (بصدقة فأمضها) أي فورا ندبا لئلا يحول بينك وبينها الشيطان فإنها لا تخرج حتى تفك لحى سبعين شيطانا كما يأتي في خبر بل ربما حال بينك وبينها بعض شياطين الإنس أيضا وعلى كل خير مانع وقد تأتي المنية قبل إنجازها ويحتمل أن المراد بقوله فأمضها لا
(٤٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 403 404 405 406 407 408 409 410 411 412 413 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة