فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ١٤٩
يفسد الناقلون المفهومون من نقل بين المنقول إليهم والمنقول عنهم وعبر بالجمع إشارة لاعتياده واطراده بينهم والمراد التحذير من نقل كلام قوم لآخرين لإلقاء العداوة والبغضاء بينهم وهذا هو النميمة التي هي كما قال جمع: نقل الحديث على وجه الإفساد وهو من الكبائر وقال الغزالي: حد النميمة كشف ما يكره كشفه سواء كرهه المنقول عنه أو المنقول إليه أو ثالث سواء كان بقول أو كتابة أو رمز أو إيحاء سواء كان عيبا أو نقصا على المنقول عنه أو لا بل حقيقة النميمة إفشاء السر وهتك الستر عما يكره كشفه (تتمة) تبع رجل حكيما سبعمائة فرسخ لأجل سبع كلمات قال: أخبرني عن السماء وما أثقل منها وعن الأرض وما أوسع منها وعن الحجر وما أقسى منه وعن النار وما أحر منها وعن الزمهرير وما أبرد منه وعن البحر وما أغنى منه وعن اليتيم وما أذل منه فقال: البهتان على البرئ أثقل من السماء والحق أوسع من الأرض والقلب القانع أغنى من البحر والحرص والحسد أحر من النار والحاجة إلى الغير إذا لم تنجح أبرد من الزمهرير وقلب الكافر أقسى من الحجر والنمام إذا بان للناس أمره أذل من اليتيم (خد هق) كلاهما معا من حديث سنان بن سعد (عن أنس) بن مالك رمز المؤلف لحسنه وليس كما قال فقد أعله الذهبي في المذهب متعقبا على البيهقي فقال: فيه سنان بن سعد وهو ضعيف.
107 - (أترعوا) بفتح الهمزة وسكون المثناة فوق وكسر الراء: املؤا إرشادا. قال الزمخشري وغيره: أترع الكأس ملأها وجفان مترعات وسد الترعة وهو منفتح الماء ومن المجاز فتح ترعة الدار بابها وحجبني التراع البواب يقولون جاءه القراع فرده التراع (الطسوس) بضم الطاء وسينين مهملتين جمع طس وهو لغة في الطست (وخالفوا المجوس) بفتح الميم فإنهم لا يفعلون ذلك وهم عبدة النار القائلون بأن العالم نور وظلمة. ومعنى الحديث اجمعوا الماء الذي تغسلون به أيديكم في إناء واحد حتى يمتلئ فإن ذلك مستحب ولا تريقوه قبل امتلائه كما تفعله المجوس. وقد جرى على ندب ذلك الغزالي في مختصر الإحياء فقال: يستحب أن يجمع ماء الكل في طست واحد ما أمكن لهذا الحديث وهذا بناء على أن المراد من الحديث غسل الأيدي من الطعام عقب الأكل وحمله بعضهم على الوضوء الشرعي فقال: يسن جمع ماء الوضوء في طست حتى يمتلئ ويطف ولا يبادر باهراقه قبل الامتلاء مخالفة للمجوس ولكل من الحملين وجه أما كون ذلك من سنن الأكل فلأن فيه صون الماء عن التزلق الذي قد يقع فيه بعض الحاضرين فيؤذيه وأما كونه من سنن الوضوء فلأن فيه التحرز عن الرشاش الذي قد يصيب ثوبه بعد إصابته الأرض فيؤدي إلى الوسواس المضر ويوافق ذلك أنه يسن عندنا للمتوضئ أن يتوقى الرشاش المؤدي إلى الوسواس وينضم إلى ذلك مخالفة المجوس. الحديث وإن كان ضعيفا لكن يعمل به في الفضائل وهذا منها وفي الشعب أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى عامله بواسط بلغني أن الرجل يتوضأ في طست ثم يأمر بها فتهراق وهذا من زي العجم فتوضؤا فيها فإذا امتلأت فاهريقوها (هب خط فر عن ابن عمر) بن الخطاب وضعفه البيهقي وقال: في إسناده من يجهل وقال ابن الجوزي: حديث لا يصح وأكثر رواته ضعفاء ومجاهيل لكنه ورد بمعناه في خبر جيد رواه القضاعي في
(١٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة