القرآن على نوعين وكلاهما فيه تحسين الصوت ولكن أحدهما يحزن ويذكر الآخرة ولا يصحبه طرب ولا لهو فهذا هو المندوب إليه والآخر يصحبه الطرب واللهو الذي يبسط النفس وتشوق المنكرات فهذا هو المنهي عنه وعليه يحمل حديث عابس قال وقد ورد ما يدل على ذلك روى الطبراني في معجمه من حديث بقية بن الوليد عن حفص بن مالك الفزاري قال شيخ يسمى أبا محمد يحدث عن حذيفة بن اليمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (اقرءوا القرآن بلحون العرب وأصواتها وإياكم ولحون أهل العشق والفسق وأهل الكتابين وسيأتي قوم يرجعون بالقرآن ترجيع الغناء والنوح لا يجاوز حناجرهم قلوبهم مفتونة وقلوب من يعجبه شأنهم) انتهى ورواه أبو عبيد حدثنا نعيم بن حماد عن بقية عن حفص بن مالك الفزاري به وهو وإن كان حديثا ضعيفا لكن يستأنس به فإن بقية يدلس عن الضعفاء وأبو محمد مجهول قاله ابن عدي وقد سمع النبي صلى الله عليه وسلم قراءة أبي موسى وقال (لقد أوتي مزمارا من مزامير داود) وقوله لاستحق تاركه العقوبة قلت لا يلزم وليس المراد نفي الدين والملة وإنما المراد نفي الكمال أو نفي ما كانت عليه العرب قال البيهقي في المعرفة في كتاب الشهادات أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال سمعت الربيع يقول سمعت الشافعي يقول أوليس منا من لم يتغن بالقرآن فقال له رجل يستغني به قال أوليس هذا معناه إنما معناه يقرؤه تحزينا قال البيهقي ويؤيد ما قال الشافعي قول النبي صلى الله عليه وسلم (زينو القرآن بأصواتكم) وحديث أبي موسى الأشعري في الصحيحين (لقد أعطي هذا مزمارا من مزامير آل وفي الصحيحين أيضا من حديث أبي هريرة ما أذن الله لشيء كإذنه لنبي يتغنى بالقرآن يجهر به قال وروى أنس قال كان أنجشة يحدو بالنساء وكان البراء بن مالك يحدو بالرجال وكان أنجشة إذا حدا أعنقت الإبل فقال
(٢١٦)