لم يتميز جهته ولذلك نميز بين القريب والبعيد لا يقال إنما دركها للتوجه منها ولأن أثر القريب أقوى لأنا نجيب عن الأول أن من سد إحدى أذنيه وسمع بالأخرى عرف الجهة وعن الثاني أنه يميز بين القوي البعيد والضعيف القريب الشرح المقصد الثالث الصوت موجود في الخارج أي في خارج الصماخ لا أنه إنما يحصل في الصماخ على ما توهم بعضهم من أن التموج الناشئ من القرع أو القلع إذا وصل إلى الهواء المجاور للصماخ حدث في هذا الهواء بسبب تموجه الصوت ولا وجود له في الهواء المتموج الخارج عن الصماخ وإلا أي وإن لم يكن الصوت موجودا في الخارج بل في داخل الصماخ فقط لم ندرك جهته أصلا لأنه لما لم يوجد إلا في داخله لم ندركه إلا في تلك الحالة التي لا أثر للجهة معها فوجب أن لا ندرك أن الصوت من أي جهة وصل إلينا كما أن اليد لما كانت تلمس الشيء حيث تلقاه ويصل ذلك الشيء إليها لا في مسافة لم يتميز عندنا بلمس اليد جهته أي جهة ذلك الشيء الملموس ولم ندر أنه من أي جهة أتانا لكنا ندرك في بعض الأوقات جهات الأصوات فوجب أن يكون الصوت موجودا قبل الوصول إلى السامعة وأن يكون مدركا هناك أيضا لنميز جهته وليس يلزم أن يكون حينئذ بعيدا عنا لينافي ما تقدم من أن الإحساس بالصوت مشروط بوصول الهواء الحامل له إلينا بل يجوز أن يكون قريبا منا جدا فيكون واصلا إلينا إذ لم نرد بالوصول حقيقته بل ما يتناولها وما في حكمها من القرب ولذلك أي ولأن الصوت موجود في خارج الصماخ تميز بين الصوت القريب و الصوت البعيد إذ لولا أن الأصوات موجودة في خارج الأصمخة ومدركة حيث هي من الأمكنة لما أمكننا أن نميز بينها بحسب القرب والبعد وهذا الدليل الثاني لابتنائه على إدراك الصوت في مكانه القريب أو البعيد من السامع ينافي بظاهره اشتراط الإحساس بالوصول
(١٢)