الثاني أنه أعني الصوت يميل مع الريح كما هو المجرب في صوت المؤذن على المنارة فمن كان منه في جهة تهب الريح إليها يسمع صوته وإن كان بعيدا ومن كان في غير تلك الجهة لا يسمعه وإن تساويا في مسافة البعد وما ذلك إلا لأن الريح تميل الهواء الحامل له وتحركه إلى الجانب الذي هبت إليه فدل على أن سماع الصوت يتوقف على وصول حامله إلى قوة السمع الثالث أنه أي سماع الصوت يتأخر عن سببه أعني سبب الصوت تأخرا زمانيا فإنا نشاهد ضرب الفأس على الخشب من بعيد ونسمع صوته الذي يوجد معه بلا تخلف بعد ذلك بزمان يتفاوت ذلك الزمان بالقرب والبعد وما هو إلا لسلوك الهواء الحامل له في تلك المسافة حتى يصل إلى صماخنا واعترض عليه الإمام الرازي بأن الوجوه الثلاثة راجعة إلى الدوران إذ محصولها أنه متى وجد وصول الهواء الحامل وجد السماع ومتى لم يوجد لم يوجد فلا يفيد إلا ظنا وقد سبق أن مثلها يحتاج إلى حدس ليفيد جزما احتج هو على صيغة المبنى للمفعول أي احتج المخالف على أن الإحساس بالصوت لا يتوقف على وصول حامله إلى الحاسة بأنا نسمع الصوت من وراء جدار غليظ جدا وإن فرض كونه محيطا بجميع الجوانب أيضا ولا يمكن أن يكون ذلك السماع بسبب وصول الهواء الحامل له إلى السامع فإن الهواء ما لم يتشكل بشمل محسوس لم يتكيف بالكيفية
(١٠)