المواقف - الإيجي - ج ٢ - الصفحة ٥٤٨
هذه الأربع منها والأظهر أن يقال وعد الهاضمة منها حيث قال في باب القوى والأفعال والأرواح من كتاب المائة الغاذية أربع الجاذبة والماسكة والهاضمة وهي التي تغير الغذاء وتجعله شبيها بالعضو المغتذي والرابعة الدافعة واعلم أن الغذاء مركب من جوهرين أحدهما صالح لأن يشبه بالمغتذي والثاني غير صالح له وإن الهاضمة كما تعد الغذاء الصالح للجزئية على ما مر تعد الفضل الذي لا يصلح للتشبيه منه أي من الغذاء للدفع بترقيق الغليظ حتى يندفع وتغليظ الرقيق فإنه قد ينتشر به جرم العضو لرقته فلا تندفع تلك الأجزاء المتشربة فيه فإذا غلظ لم يتشربه العضو واندفع بالكلية وتقطيع اللزج فإنه يلتزق بالعضو فلا يندفع إلا إذا قطع والإعداد الصادر من الهاضمة إما بذاتها كما في الجوارح مثل البازي فإن حرارتها تذيب الغذاء الوارد عليها بلا احتياج إلى ماء وفي الحية فإنها ربما تأكل التراب وتجعله كيلوسا من غير استعانة بماء وفي الجمل فإنه يأكل أياما نباتا يابسا ولا يشرب ماء أو بمخالطة رطوبة مائية كما في الآدمي وأكثر الحيوانات ثم للهضم الذي هو فعل الهاضمة مراتب أربع الأولى في المعدة بأن تجعل الغذاء كيلوسا وهو جوهر كماء الكشك الثخين في بياضه وقوامه وهذه المرتبة تبتدئ في الفم لاتصال سطحه بسطح المعدة حتى كأنهما سطح واحد على طريقة السطح الباطن من القرع الذي له عنق طويل ورأس مدور ولذلك تفعل الحنطة الممضوغة في إنضاج الدماميل ما لا تفعله المطبوخة منها ولا المدقوقة المخلوطة بالريق فدل ذلك على استحالة كيفيتها بالمضع المتربة الثانية في الكبد فإن الغذاء بعد ما صار كيلوسا إذا اندفع
(٥٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 543 544 545 546 547 548 549 550 551 552 553 ... » »»