ثم اعترض الإمام عليه أولا بما أشار إليه المصنف بقوله ويمكن أن يقال المحرك إلى مشابه العضو هو القوة الموصلة إليه وتقريره على ما في المباحث المشرقية أن القوة الهاضمة محركة للغذاء في الكيف إلى الصورة المشابهة لصورة العضو وكل ما حرك شيئا إلى شيء آخر فهو الموصل إلى ذلك الآخر فيكون الفاعل للفعلين قوة واحدة أما الصغرى فظاهرة إذ لا معنى للهضم إلا التحريك عن الصورة الغذائية إلى الصورة العضوية وأما الكبرى فظاهرة أيضا لأن ما حرك شيئا إلى شيء كان المتوجه إليه غاية للمحرك والمعنى بكونه غاية أن المقصود الأصلي هو فعل ذلك الشيء وقد اعترف ابن سينا بذلك حيث احتج على أن بين كل حركتين سكونا فقال محال أن يكون الواصل إلى حد ما واصلا إليه بلا علة موجودة موصولة ومحال أن تكون هذه العلة غير التي أزالت عن المستقر الأول هذا كلامه وهو يقتضي أنه لما كان المزيل عن الصورة الدموية هو الهاضمة وجب أن يكون الموصول إلى العضوية أيضا الهاضمة فهي الغاذية لا غير واعترض ثانيا بما ذكره المصنف بقوله كيف والمراد بالقوة هنا المعدة للمادة لفيضان الصورة عليها والمفيض لها وهو واهب الصور والقوة الهاضمة هي المفيدة بطبخها ونضجها للاستعدادات المختلفة بالقوة أي الشدة والضعف التي من جملتها ما يعد المادة لفيضان الصورة العضوية وتلك القوة المفيدة لهذه الاستعدادات مغنية عن قوى أخرى في الأعضاء لأنه إذا تم الإعداد وكمل الاستعداد فاضت الصورة وتمت التغذية فإذن لا فرق بين الهاضمة والغاذية ولذلك لم يذكر جالينوس في شيء من كتبه الغاذية سوى هذه الأربع التي سميناها الخوادم وقال ابن سينا بل المسيحي على ما في المباحث الغاذية أربع وعد
(٥٤٧)