المواقف - الإيجي - ج ٢ - الصفحة ٥١٧
كافيا في ذلك التساوي لأن الميول قد تختلف باختلاف الكيفيات مع الاتحاد في الحجم كما في الماء المغلي بالنار والمبرد بالثلج فإن ميل الثاني بسبب الكثافة والثقل اللازمين من التبريد أشد وأقوى من ميل الأول وربما يكتفي فيه باعتبار تساوي الكيفيات وحدها في قوتها وضعفها لأن ذلك هو الموجب لتوسط الكيفية الحادثة من تفاعلها في حاق الوسط بينها قالوا وأنه لا يوجد في الخارج إذ اجزاؤه متساوية في الميل إلى أحيازها متقاومة فلا يقسر بعضها بعضا على الاجتماع لامتناع أن يغلب بعض من الأمور المتساوية المتقاومة بعضا آخر منها وطبائعها داعية إلى الافتراق بالتوجه إلى أحيازها الطبيعية المختلفة فيحصل الافتراق قبل حصول الفعل والانفعال فإنه حادث يستدعي مدة معتدا لها لأنه حركة من كيفية إلى أخرى بعيدة عنها بخلاف الافتراق الذي يكفيه أدنى حركة مع كونه موجودا في كل آن من زمانها فلا يحصل بينها مزاج لتوقفه على حصول تلك الحركة وحدوثه عند انقطاعها والجواب أنه ربما تقع الأجزاء لأسباب خارجية بحيث تكون المائلة إلى العلو كالنار والهواء في جهة السفل وبالعكس أي وتقع الأجزاء المائلة إلى السفل كالأرض والماء في جهة العلو فتتمانع الأجزاء وتتقاوم لتساوي قواها في الميول وتبقى مجتمعة فيحصل المزاج بتفاعلها نعم يندر وجود ذلك المعتدل ولا يكون باقيا مستمرا إما لسرعة التحلل أو لسرعة غلبة بعض أجزائه على بعض وأما الامتناع فلا كيف وبقاء الاجتماع قد يكون لمنفصل كأصل الاجتماع الذي لا بد له من مقتض سوى الأجزاء إذ السبب لبقاء الاجتماع غير منحصر في غلبة عنصر وهو ظاهر ثم قالوا وما ليس معتدلا حقيقيا إن غلب عليه من الأجزاء في الكمية ومن الكيفيات في الشدة ما ينبغي له ويليق به في خواصه وآثاره كالحرارة الغالبة في الأسد لشجاعته والبرودة الغالبة في الأرنب لجبنه فهو المعتدل بحسب الطلب وهو موجود وليس مشتقا من التعادل الذي هو التساوي بل من العدل في القسمة على معنى أنه قد توفر على الممتزج من العناصر القسط
(٥١٧)
مفاتيح البحث: الغلّ (1)، السب (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 512 513 514 515 516 517 518 519 520 521 522 ... » »»