المواقف - الإيجي - ج ٢ - الصفحة ٥١٣
المذهب الثالث وقد يجعل هذا مذهبا ثالثا نظرا إلى تفصيل المذهب الأول كما أشرنا إليه القول بالخليط وهو أن المركبات موجودة بالفعل وقد يجتمع أجزاء منها فيحس لها قدر وإلا فلا يحس فإن القائل بالخليط يزعم أن في الأجسام أجزاء على طبيعة اللحم وأجزاء على طبيعة الحنطة وأجزاء على طبيعة الذرة وهكذا وهي متصغرة مختلطة جدا فإذا اجتمع أجزاء كثيرة متجانسة أحس بها على تلك الطبيعة فليس هناك تغير في الطبيعة وكذا لا تغير في الكيفيات فالماء إذا تسخن لم يستحل في كيفيته بل كان فيه أجزاء نارية كامنة فبرزت بملاقاة النار وذهب جماعة إلى أن الأجزاء النارية لم تكن كامنة بل نفذت في الماء من خارج فهؤلاء أصحاب الغشو والنفوذ والأولون أصحاب الكمون والبروز وكلاهما ينكران الاستحالة والكون والقول بالمزاج مبني على القول بهما أما على الأول فلأن حصول المزاج باستحالة الأرقام كما عرفت وأما على الثاني فلأن النار لا تهبط على الأثير بل تتكون ههنا المقصد الثاني المتن في أقسام المزاج قد علمت أن الكيفيات التي يمكن بينها الفعل والانفعال أربع الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة فالمقادير منها الحاصلة في المركب إن كانت متساوية متقاومة حتى يحصل منها كيفية عديمة الميل إلى الطرفين فتكون على حاق الوسط بينهما فهو المعتدل الحقيقي قالوا وإنه لا يوجد إذ أجزاؤه متساوية فلا يقسر بعضها بعضا على الاجتماع وطبائعها داعية إلى الافتراق فيحصل الافتراق قبل حصول الفعل والانفعال فإنه حادث يستدعي مدة فلا يحصل بينها مزاج
(٥١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 508 509 510 511 512 513 514 515 516 517 518 ... » »»