المواقف - الإيجي - ج ٢ - الصفحة ٥١٢
بأعيانها ويبطله أيضا ما حكيناه من حكايات القرع والأنبيق لأن اختلافها ما يظهر فيه أي في المركب من الأجزاء يدل على اختلاف الاستعداد فيها أي في تلك الأجزاء يعني أنا إذا وضعنا فيهما المركب كقطعة لحم مثلا يميز إلى جسم مائي متقاطر وإلى كلس أرضي لا يتقاطر فدل ذلك على أن الأجزاء التي في المركب مختلفة في استعداد التقطير وعدمه إذ لو كانت متفقة فيه لكان الكل قاطرا أو غير قاطر وهو أي اختلاف الاستعداد دليل اختلاف الماهية لأن القابلية من لوازمها واختلاف اللوازم يدل على اختلاف الملزومات وإنما لم نقل أن تلك الحكاية تدل على وجود صور البسائط في المركبات وإلا لم تنحل إليها احترازا عن أن يقال إنها تكونت بتأثير الحرارة إلا أنها كانت فيه فإن قيل إذا كان جوهر البسائط باقيا في المركب كانت النارية موجودة فيه لكنها مفترة في حرارتها والصورة النوعية للمركب كاللحمية مثلا حاصلة في جميع أجزائه فتكون النارية التي عرض لها فتور في المركب قد صارت لحما وإذا جاز ذلك فليجز في النار الصرفة المنفردة عن أخواتها أن نحدث لها الكيفية المتوسطة أي الحرارة المفترة فتصير لحما فلا يكون إلى التركيب والمزاج حاجة في حدوث الصور النوعية التي للمركبات قلنا المزاج أي التركيب شرط فيه أي ليس مجرد الاستحالة إلى الحرارة المفترة كافيا في حصول تلك الصورة النوعية بل لا بد مع الاستحالة من التركيب على أن هذه الشبهة واردة عليكم أيضا لأن خلع البسائط صورها ولبسها صورا أخرى إنما يكون عند انتهاء كيفياتها إلى حد معين فمن الجائز أن تنتهي كيفية كل واحدة منها حال انفرادها إلى ذلك الحد حتى يفسد عنها صورتها وتحدث فيها الصورة المزاجية ولا مفر لكم أيضا سوى ما ذكرناه من اشتراط التركيب
(٥١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 507 508 509 510 511 512 513 514 515 516 517 ... » »»