إلا إلى طرف واحد منهما ضرورة أي إذا مالت الكيفية المتوسطة عما ينبغي فإما أن تميل عنه إلى جانب الحرارة فقط أو إلى جانب البرودة فقط إذ ميلانها إليها معا محال بديهة وكذا الحال في الرطوبة واليبوسة وأما الأجزاء فلا عبرة فيما نحن فيه بعددها ومقدارها بل مداره على النسبة بينهما وإذا كانت الأجزاء الحارة ضعف الباردة أي عدد كان فالمزاج واحد فإذا فرض أن الاعتدال الطبي مبني على هذه النسبة فالأجزاء الحارة إذا كانت عشرة إلى غير ذلك من الأعداد التي توجد فيها هذه النسبة وما قيل من أن المعتدل هو الذي وفر عليه قسطه الذي ينبغي له من العناصر بكمياتها وكيفياتها معناه رعاية النسبة بين كمياتها في العدد وكيفياتها في القوة والضعف وحينئذ بطل ما توهمه الكاتبي من أن الخارج عن المعتدل بحسب الطب لا ينحصر في ثمانية ثم أنه ادعى ان الخروج إذا قيس إلى الاعتدال الحقيقي انحصر أقسامه في الثمانية وفيه أيضا بحث لأن الحقيقي اعتبر فيه تساوي الكميات والكيفيات معا على ما عرفت فالخارج عنه في الكيفية وحدها ثمانية وتبقى هناك أقسام أخر بحسب الكمية وحدها أو بحسبهما معا نعم إذا اكتفى في المعتدل الحقيقي باعتبار التساوي في الكيفيات فقط انحصر ما يقابله في ثمانية أيضا تنبيه اتفقوا على أن أعدل أنواع المركبات أي أقربها بحسب المزاج إلى الاعتدال الحقيقي نوع الإنسان لأن النفس الإنسانية أشرف وأكمل ولا يخل في إفاضة المبدأ بل هي بحسب استعدادات القوابل فاستعداد الإنسان بحسب مزاجه أشد وأقوى فيكون إلى الاعتدال الحقيقي أقرب واختلفوا في أعدل الأصناف من نوع الإنسان فقال ابن سينا أعدل أصنافه سكان خط الاستواء لتشابه أحوالهم في الحر والبرد وذلك
(٥٢٠)