أحدها إثبات الهيولى لكل جسم إذ تلك الحجة لا نثبتها إلا لما يقبل الاتصال والانفصال بالفعل ولعل بعض الأجسام لا يقبلهما كالفلكيات فقال ابن سينا طبيعة الاتصال للجميع واحدة فإذا ثبت احتياجه إلى المادة امتنع قيامه بنفسه وإلا كان في حد ذاته غنيا عن المحل والغنى عن المحل لا يحل فيه وبالجملة فالحقيقة الواحدة لا تختلف لوازمها فتكون قائمة بذاتها تارة وبالغير أخرى كما لا تكون جوهرا مرة وعرضا أخرى والجواب منع اتحاد الاتصال الجسمي وذلك مما لا سبيل إلى إثباته وإن سلم فقد لا يكون الشيء محتاجا لذاته ولا غنيا لذاته بل يعرض كل منهما له عن عله وأما النقض بالطبيعة الجنسية فقد عرفت جوابه ثانيها أن الهيولى لا تخلو عن الصورة لوجوه الأول الهيولى المجردة إما إليها إشارة فتكون جسما أو في جسم لامتناع الجوهر الفرد وإلا فإذا حصلت فيها الصورة فإما في جميع الأحياز والمظاهر أو لا في شيء منها أو في بعضها والثلاثة باطلة فالأولان ضرورة والأخير لعدم المخصص فإن قيل لعل صورة نوعية تخصصها وأيضا ينتقض بالجزء المعين من الأرض واختصاصه بحيزه بلا مخصص قلنا الصورة النوعية نسبتها إلى جميع أجزاء حيز الكل واحدة فالكلام في تخصيصه بحيزه والجزء من الأرض إنما اختص بحيزه لكون مادته قبل تلك الصورة لها صورة مخصصة بذلك الحيز أو بحيز آخر انتقل منه بالاستقامة إلى ذلك الحيز والجواب أنه فرع عدم القادر المختار وأنه لا مخصص إلا الصورة
(٣٧١)