المواقف - الإيجي - ج ٢ - الصفحة ٣٦٤
ذكرنا من التلخيص فإنا أثبتنا كون الاتصال غير القابل للاتصال والانفصال المتعاقبين عليه فلا يلزم للهيولي هيولى أخرى إلا بإثبات أمرين أحدهما أن لها اتصالا مغايرا لهذا الاتصال الذي هو حال فيها حتى تكون هي متصلة في حد ذاتها والثاني أنه أي ذلك الاتصال المغاير يزول عنها ويعود إليها حتى يثبت في ذات الهيولى شيئان الاتصال المغاير وما هو قابل له فيكون للهيولي هيولى أخرى وذلك مما لا سبيل إليه فإن وحدتها أي وحدة الهيولى وكثرتها بحسب ما يعرض لها من الاتصال ويقارنها من الصورة فهي قبل ورود الانفصال واحدة متصلة بالصورة الواحدة الحالة فيها وبعده متكثرة منفصلة بالصور المتعددة الحالة فيها وإلا فهي في نفسها لا واحدة ولا كثيرة ولا متصلة ولا منفصلة إنما هي في ذاتها استعداد محض لا فعل لها في الصفات المذكورة إلا بالصورة فهي متصفة بها تبعا لها لا في حد ذاتها واعلم أن هذا البرهان الذي ذكر على إثبات الهيولى لا يتم إلا بإبطال قول من يقول كديمقراطيس وأتباعه مبادئ الأجسام البسيطة أجزاء هي أجسام صغار صلبة متجزئة في الوهم بحسب الجهات الثلاث لكنها غير قابلة للتجزئة الموجبة للانفصال بالفعل في الخارج واتصال الجسم البسيط عبارة عن اجتماع تلك الأجزاء وانفصاله عن افتراقها وكل جزء منها متصل في نفسه بالحقيقة وغير قابل للانفصال الانفكاكي بل للانفصال الوهمي والجسم الذي يقبل الانفصال الفكي كالماء مثلا غير متصل في نفسه بالحقيقة بل بحسب الحس لعجزه عن إدراك المفاصل التي بين تلك الأجزاء فليس ثمة أمر قابل للاتصال والانفصال بل هناك أجسام صغار تجتمع وتفترق ومحصول ما ذكره المصنف أن انتفاء الجزء الذي لا يتجزأ وما فيه حكمه يستلزم أن الجسم إما أن يكون متصلا في نفسه فيكون جسما مفردا أو يكون في تركيبه منتهيا إلى أجسام مفردة فلم لا يجوز أن يكون الجسم البسيط الذي نحن بصدده مركبا من أجسام مفردة قابلة للانقسام الوهمي دون الفكي فلا تثبت الهيولى بالبرهان المذكور
(٣٦٤)
مفاتيح البحث: الجواز (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 359 360 361 362 363 364 365 366 367 368 369 ... » »»