موجودة غير متناهية كذلك الزمان المتناهي مشتمل على أجزاء غير متناهية فيتقابل أجزاء المسافة والزمان معا فيمكن قطعها فيه واعلم أن النظام لم يكن قائلا بالجزء الذي لا يتجزأ وتركب الجسم منه إلا أنه لزمه ذلك من حيث لا يدري فإنه لما وقف على أدلة نفاة الجزء ولم يقدر على ردها أذعن لها وحكم بأن الجسم ينقسم انقسامات لا تتناهى لكنه لم يفرق بين ما هو موجود في الشيء بالقوة وبين ما هو موجود فيه بالفعل فظن أن جميع الانقسامات التي لا تتناهى حاصلة في الجسم بالفعل فصرح بأن في الجسم أجزاء غير متناهية موجودة بالفعل ولزمه القول بالجزء فإنه إذا كان كل انقسام ممكن في الجسم حاصلا فيه بالفعل فما لا يكون من الانقسامات حاصلا في الجسم امتنع حصوله فيه فتكون أجزاؤه غير قابلة للانقسام فقد وقع فيما كان هاربا عنه نافيا له غير معترف به ومن ثمة نقل عنه أنه لما عيره مثبتو الجزء على القول بالطفرة أجاب بأنها ليست أبعد مما لزمكم من القول بتفكك الرحى فالتزموه الوجه الثاني إنه أي الجسم الذي نحن بصدده متناه بالحجم والمقدار فهو محصور بين الطرفين المحيطين به وكذا أجزاؤه محصورة بينهما وانحصار ما لا يتناهى بين الحاصرين محال فاستحال أن تكون أجزاؤه الموجودة فيه بالفعل غير متناهية إلا أن يلتزم التداخل فيما بين تلك الأجزاء لكنه مما تشهد البديهة ببطلانه الوجه الثالث إن التأليف هو ضم بعض الأجزاء الموجودة في الجسم إلى بعض لا بد أن يفيد زيادة حجم وإلا لكان حجم الاثنين كحجم الواحد وكذا الثلاثة والأربعة إلى غير النهاية فلا يحصل من تأليف الأجزاء وإن كانت غير متناهية حجم أصلا والمفروض خلافه لأن الجسم له حجم ممتد في الجهات ولا شك أن هذا الحجم إنما حصل له من تأليف أجزائه بعضها إلى بعض وإذا كان التأليف يفيد زيادة حجم فليجعل التأليف من أجزاء متناهية في جميع الجهات فيحصل حجم في الجهات كلها وهو الجسم وتوضيحه أن كل عدد سواء كان متناهيا أو غير متناه فإنه يشتمل
(٣٣٥)