الجسم ليس حينئذ مشتملا على أجزاء غير متناهية بالفعل بل بالقوة التي يستحيل خروجها بكليتها إلى الفعل كما مر النوع الثاني من حجة جمهور المتكلمين على ما ذهبوا إليه أن نبين تركب الجسم منها أي من الأجزاء التي لا تتجزأ ابتداء أي من غير استعانة بأن كل قابل للانقسام فهو منقسم بالفعل كما في النوع الأول وأما كون تلك الأجزاء متناهية فهو ظاهر أو معلوم مما مر آنفا وهو وجوه سبعة الأول النقطة وهي ذات وضع لا تنقسم موجودة إذ بها تماس الخطوط والخطوط بها تماس السطوح والسطوح بها تماس الأجسام وتماس الموجودين بالمعدوم ضروري البطلان يعني أنه لا شبهة في أن الأجسام موجودة وأنها تتماس بأمور موجودة منقسمة في الطول والعرض دون العمق وإلا لزم التداخل بين المنقسمين في العمق أو كون التماس بجزئين منهما لا بهما فينقل الكلام إلى ذينك الجزئين وعدم انقسامهما ولا يتسلسل بل ينتهي إلى ما لا ينقسم في العمق وذلك هو السطح فثبت وجوده ثم إن السطحين الموجودين يتماسان على أمر منقسم في الطول دون العرض وإلا لزم أحد الأمرين كما عرفت وذلك هو الخط فثبت وجوده أيضا ثم إن الخطين الموجودين يتماسان على أمر ذي وضع لا ينقسم أصلا وهو النقطة وأيضا فإنها أي النقطة طرف للخط وهو للسطح وهو للجسم وطرف الموجود موجود فتكون النقطة موجودة ثم إنها لا تنقسم أصلا قلنا في الجسم موجود ذو وضع لا ينقسم فإن كان جوهرا فهو المطلوب لأن ذلك الجوهر الذي لا يقبل الانقسام بوجه من الوجوه جزء للجسم وإلا أي وإن لم يكن جوهرا بل عرضا لكان له محل لا ينقسم
(٣٣٧)