المواقف - الإيجي - ج ٢ - الصفحة ١٠٦
يتوقف على ترجح أحدهما لنفع فيه ولا على ميل يتبعه بل يرجح أحدهما بمجرد الإرادة لا أقول لا يكون للفعل مرجح بل لا يكون إليه داع ومعلوم بالضرورة أنه من دهشته لا يخطر بباله طلب مرجح وأنه لو لم يجد المرجح لم يتوقف متفكرا حتى يفترسه السبع وكذلك العطشان إذا كان عنده قدحا ماء وفرض استواؤهما من جميع الوجوه فإنه يختار أحدهما بلا داع له يرجحه في اعتقاده وكذلك جائع عنده رغيفان والمعتزلة ادعوا الضرورة بأن من استوى عنده الطرفان لا يرجح أحدهما إلا لمرجح والجواب منع الضرورة والمعارضة بالضرورة في الأمثلة المذكورة الشرح المقصد الثالث الإرادة عندنا غير مشروطة باعتقاد النفع أو بميل يتبعه وذلك أن الإرادة توجد بدونهما فلا تكون عين أحدهما ولا مشروطة به أيضا فلا يصح تفسيرها بأحدهما أصلا خلافا للمعتزلة الذين فسروها بواحد منهما لنا في وجود الإرادة بدونهما أن الهارب من السبع إذا عن أي ظهر له طريقان متساويان في الإفضاء إلى مطلوبه الذي هو النجاة منه فإنه مع كونه ملجأ في الهرب يختار أحدهما بإرادته ولا يتوقف في ذلك الاختيار على ترجح أحدهما لنفع يعتقده فيه ولا على ميل يتبعه بل يرجح أحدهما على الآخر بمجرد الإرادة لا أقول لا يكون للفعل مرجح على عدمه فإن الهارب بإرادته مرجح إياه على تركه بل أقول لا يكون إليه أي إلى الفعل داع باعث للفاعل عليه من اعتقاد النفع أو ميل تابع له ومعلوم بالضرورة أنه من دهشته وحيرته لا يخطر بباله طلب مرجح يختار بسببه أحدهما بل لا يطلب ولا يتصور في تلك الحالة سوى النجاة و
(١٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 ... » »»