المواقف - الإيجي - ج ٢ - الصفحة ١٠٩
أنه إذا فسر الإرادة باعتقاد النفع أو الميل التابع له جاز تعلقها بنفسها لجواز أن يعتقد الشخص أن في اعتقاده لمنفعة فعل من الأفعال أو في ميله إليه نفعا له ثم يميل إلى ذلك الاعتقاد وما يتبعه وأما إذا فسرت بما اختاره من أنها صفة مخصصة لأحد طرفي المقدور بالوقوع فلا يجوز تعلقها بنفسها لأن إرادتنا ليست مقدورة لنا وإلا احتاج حصولها فينا إلى إرادة أخرى وهكذا إلى ما لا يتناهى اللهم إلا أن يذكروا هذا الفرق على تقدير إقدار الله تعالى إيانا على الإرادة فإن العلماء بناء على هذا التقدير اختلفوا في أن تلك الإرادة المقدورة هل تكون مرادة للعبد بإرادة أخرى أو لا أوجبه الأشاعرة إذ لا يصدر فعل عن فاعل قادر عالم بن ذاكر له إلا بإرادته وقال الجبائي يستحيل كون الفاعل للإرادة مريدا لها بإرادة أخرى الوجه الثاني أن الإنسان قد يريد شرب دواء كريه غاية الكراهة فيشربه ولا يشتهيه بل ينفر عنه وقد يشتهي الطعام اللذيذ ولا يريده إذا علم أن فيه هلاكه فقد وجد كل واحدة من الإرادة والشهوة بدون الأخرى وقد يجتمعان في شيء واحد فبينهما عموم من وجه بحسب الوجود وكذا الحال بين الكراهة والنفرة إذ في الدواء المذكور وجدت النفرة دون الكراهة المقابلة للإرادة وفي اللذيذ الحرام توجد الكراهة من الزهاد دون النفرة الطبيعية وقد يجتمعان أيضا في حرام منفور عنه المقصد الخامس المتن إنها غير التمني فإنها لا تتعلق إلا بمقدور مقارن والتمني قد يتعلق بالمحال وبالماضي والميل الذي يسمونه إرادة هو بالتمني أشبه منه بالإرادة
(١٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 ... » »»