اعتقاد النفع أو ظنه في أحد طرفيه ترجح على الآخر عند القادر وأثر فيه قدرته وقيل ليس الإرادة ما ذكر من الاعتقاد أو الظن بل هذا هو المسمى بالداعية وأما الإرادة فهي ميل يتبع ذلك الاعتقاد أو الظن كما أن الكراهة نفرة تتبع اعتقاد الضرر أو ظنه وليست الإرادة من قبيل الاعتقاد والظن فإنا نجد من أنفسنا بعد اعتقاد أن الفعل الفلاني فيه جلب نفع أو دفع ضر ميلا إليه مترتبا على ذلك الاعتقاد وهو أي الميل الذي نجده أمر مغاير للعلم بالنفع أو دفع الضر ضرورة لا شبهة فيها وأيضا فإن القادر كثيرا ما يعتقد النفع في فعل أو يظنه ومع ذلك لا يريده ما لم يحصل له هذا الميل وقد أجيب عن ذلك بأنا لا ندعي أن الإرادة اعتقاد النفع أو ظنه مطلقا بل نقول هي اعتقاد نفع له أو لغيره ممن يؤثر خيره بحيث يمكن وصوله إلى أحدهما بلا ممانعة مانع من تعب أو معارضة والميل الذي ذكرتموه إنما يحصل لمن لا يقدر على ذلك الفعل قدرة تامة بخلاف القادر التام القدرة إذ يكفيه العلم والاعتقاد على قياس الشوق إلى المحبوب فإنه حاصل لمن ليس واصلا إليه دون الواصل إذ لا شوق له وهذا الذي ذكرناه من تعريفي الإرادة إنما هو على رأي المعتزلة وأما الإرادة عند الأشاعرة فصفة مخصصة لأحد طرفي المقدور بالوقوع والميل الذي يقولونه فنحن لا ننكره في الشاهد لكن ذلك الميل ليس إرادة فإن الإرادة بالاتفاق صفة مخصصة لأحد المقدورين بالوقوع وسنبين في المقصد الثالث من هذا النوع أنها أي الصفة المخصصة المذكورة غير الميل وليست أيضا مشروطة بالميل ولا باعتقاد النفع ثم حصول الميل في الشاهد لا يوجب حصوله في الغائب
(١٠٣)