ثانيها كما يقال الحار لما تحس حرارته بالفعل يقال أيضا لما لا تحس حرارته بالفعل ويحس بها بعد مماسة البدن والتأثر منه كالأدوية الحارة ويسمى حارا بالقوة ولهم في معرفته التجربة والقياس فباللون وهو أضعفها وبالطعم والرائحة وسرعة الانفعال مع استواء القوام أو قوته ثالثها الأشبه أن الحرارة الغريزية والكوكبية والنارية متخالفة بالماهية لاختلاف آثارها فيفعل حر الشمس في عين الأعشى ما لا يفعله حر النار والحرارة الغريزية أشد الأشياء مقاومة للحراة النارية ومنهم من جعلهما من جنس واحد فالغريزية النارية واستفادت بالمزاج مزاجا معتدلا حصل به التئام فإذا أرادت الحرارة أو البرودة تفريقها عسر عليها والفرق أن أحدهما جزء المركب والآخر خارج عنه رابعها أن الحركة تحدث الحرارة والتجربة تحققه قيل فيجب أن تسخن الأفلاك ويتسخن بمجاورتها العناصر فتصير كلها بالتدريج نارا والجواب أن مواد الأفلاك لا تقبل السخونة ولا بد مع المقتضى من وجود القابل فلا تسخن فلا تتسخن بالمجاورة والعناصر لملاسة سطوحها لا تتحرك بحركة الأفلاك فتتسخن ولهم كلام مناقض لهذا فسيأتيك أنهم قالوا النار تتحرك بتبعية الفلك وليس التحريك يتعين أن يكون بالتشبث فيمنعها ملاسة السطوح خامسها البرودة قيل عدم الحرارة عما من شأنه أن يكون حارا احترازا عن الفلك فالتقابل بينهما تقابل العدم والملكة ويبطله أنها محسوسة والعدم لا يحس لا يقال المحسوس ذات الجسم لأن البرد يشتد ويضعف ويعدم وذات الجسم باقية بل الحق أنها كيفية مضادة للحرارة الأول في الحرارة كما أن الملموسات سميت أوائل المحسوسات لما عرفت كذلك الكيفيات الأربع أعني الحرارة وما يقابلها والرطوبة واليبوسة سميت أوائل الملموسات لثبوتها للبسائط العنصرية وتحصل
(٥٩٢)