لأمور معدومة لا يكون موجودا خارجيا ثم التحقيق ما قد عرفته من أن الحركة بمعنى القطع والزمان الذي هو مقدارها لا وجود لهما في الخارج بل هما أنما يرتسمان في الخيال لكن ليس ارتسامهما فيه من أمر معدوم بالضرورة بل من أمرين موجودين في الخارج لأنا نعلم أن ذلك الامتداد المرتسم في الخيال بحيث لو فرض وجوده في الخارج وفرض فيه أجزاء لامتنع اجتماعها معا بل كان بعضها متقدما على بعض ولا يكون الامتداد العقلي كذلك إلا إذا كان في الخارج شيء مستمر غير مستقر يحصل في العقل بحسب استمراره وعدم استقراره ذلك الامتداد ولما كان هذان الامتدادان الخياليان ظاهرين في بادىء الرأي ودالين على ذينك الأمرين الموجودين اللذين فيهما نوع خفاء أقيما مقامهما وبحث عن أحوالهما التي يتعرف بها أحوال مدلوليهما الموجودين فبهذا الاعتبار صار هذان الموهومان في حكم الأعيان التي يبحث عن أحوالها هذا وقد اعترض الإمام الرازي على هذا الوجه بأنه مبني على إمكان وجود حركتين تبتدئان معا وتنتهيان معا وليست هذه المعية إلا المعية الزمانية التي لا يمكن إثباتها إلا بعد إثبات الزمان فيلزم الدور وأيضا هو مبني على صحة وجود حركتين إحداهما أسرع والأخرى أبطأ ولا يمكن إثبات السرعة والبطء ولا تعقلهما إلا بعد إثبات الزمان وتعقله فيلزم دور آخر وأيضا لما قال الخصم إن الزمان الماضي قابل للزيادة والنقصان فيكون له بداية أجبتم عنه بأن مجموع الماضي لم يوجد في وقت من الأوقات فلا يصح الحكم عليه
(٥٣٦)